يا صديق البحر وصديقي ...
هل هذه الأرض تتسع لمصلح جديد ، يبشر بالعدل،
والخير، ويأمر بالمعروف، وينهى عن الشر. ويبذر في
هذه المنطقة الملتهبة بنيران الكراهية بذور الحب؟
..
هل هذه الأرض المتشقق جسدها عطشاً ويباساً،
والمدفونة تحت طبقة سميكة من الكلس والملح تقدر
أن تفتح مساماتها لهذا المطر الربيعي؟
هل يستطيع أهل الكهف في جحورهم وسراديبهم
الحجرية ... أن يستوعبوا إلتماع البرق؟ ..
هل تستطيع كل هذه البراري التي لا تنبت إلا الشوك
والعوسج .. أن تهيء نفسها لاستقبال وردة؟
هل تستطيع المدن المحاصرة بالوجع أن تفتح نوافذها
لغناء عصفور؟
هل تستطيع هذه المدن الحجرية العواطف المصّفحة
بالاسمنت المسلح ، الملقحة ضد جرثومة التغيير أن
تستوعب أمواج البحر واحتمالات اللون الأزرق ؟
من ذا الذي بوسعه أن يغلق نوافذه
حتى لا يرى البحر ؟ ...
من ذا الذي يرفض الاغتسال باللون الأزرق؟
إنني أعرف أنك لا تخاف البحر .. ولا تحسب حساب
مدّه وجزره وتحولاته .
غير أني اطمئنك أن البحر صديق رائع ..
ولولاه .. لما كانت هناك سحب ولا كانت امطار ..
ولا كان هناك كريستوفر كولومبوس .. ولا أحمد بن
ماجد و لا طارق بن زياد ..
كل هؤلاء المكتشفين والفاتحين العظام، أقاموا حواراً
مع البحر فكافأهم البحر بهدايا من الفيروز واللؤلؤ
الرمادي وأعطاهم مفاتيح أميركا والأندلس ..
والرجل كان دائماً صديق البحر ..
فالبطولات خرجت من أمواجه ..
وسمك الدولفين لا ينسجم مع نفسه إلا إذا ضرب
البحر بعنف حتى يشعل في الماء ألف حريق ...
عندي أحساس بأنني أدخل التاريخ ..
أو أكتب التاريخ من جديد . .
ما هو التاريخ؟ أكيد أنه ليس تاريخ الآراميين
و الآشوريين والفراعنة والأغريق والرومان ...
وأكيد أنه ليس ما كتبه هيرودوس .. والطبري .. وابن
خلدون .. وابن بطوطة ..
التاريخ هو غداً يوم من أيامي العظيمة ...
هو يوم يدخل أولادي فيه معترك الحياة
هو غد مرسوم باللون الأزرق ...
هل تبقى مفتوحة على الاحتمالات الدامعةو البسمات المسيجة بعصافير تنتظر زغب الحرّية ... قد تنبت الصخرة في قلب صخرة و قد تينع أقحوانة في الظلام و قد تصير الكلمة حنجرة المعنى و ارتحال الانسان و تقلبه في المدن و البراري ... دخلت حقلا ممغنطا بالانسانية المذبوحة ، خرجت أحمل بحنجرتي وردة و بيدي صوتا يصارع كي ينهض من رماد الحلم العربي الممهور بالهزائم و الدم لكنني مازلت أحلم بعرس الألوان فهل تتحقق النبوءة ؟؟؟؟
ردحذف