1
مُشكِلتي معك
, لا عَلاقة لها بِقلبي
بل بذاكرتي .
.
هذه
الذَاكرةُ التي تحتلُّها احتلالاً قَسْريّاً
منذ مئةِ
عامْ
دونَ رضايَ .
.
و دونَ
إرادتِي . .
و دونَ أن
يكونَ مَعَكَ عقدُ للإيجار . . .
2
منذ مئةِ
عامْ . .
و أنت تعيشُ
في ذاكرتِي
كما لو كانتْ
شَقَّتَكَ الخُصوصيّة
تتمددُ على
وسائِدها متى تشاءْ . . .
و تعلّقُ
ثيابكَ في خزائِنها متى تشاءْ
و تأخُذُ قَيْلولتَكَ
فيها حينَ تشاءْ . . .
و تستعملُ
ثلاجتها ...
و تصنَعُ
قهوتكَ حينَ تشاءْ . .
3
منذ مئةِ
عامْ . .
و أنتَ
مُعربَشٌ كحشائشِ البحرْ
على شواطئ
ذاكرتي .
أطلبُ منك
الهجرةَ . . فلا تُهاجِرْ
و أشتري لك
بطاقَةَ سفَرٍ . . فلا تسافرْ
و أغلقُ
حقائبكَ . . فتفتحها من جديدْ . .
و أطلبُ من
البوليس أن يُلقي القبضَ عليكْ
فيُلقي
القبضَ عليّ . .
4
منذ مئةِ
عامْ . .
و ذاكرتي لا
تتذكَّرُ رَجُلاً غَيركْ . .
و لا تعرفُ
من التاريخ , غير تاريخِكْ
و لا تعرفُ
من الجغرافيا , غيرَ مساحةِ يديكْ . .
و لا تعرفُ
من الثقافة .. سوى كلماتِ الحُبِّ
التي
تكتُبُها على قميصي . . .
5
منذ مئةِ
عامْ . .
و أنا
أُحاوِلُ أن أكسرَ دائرةَ الطباشيرْ
التي
حَبَسْتَني فيها . .
و خبَّأت
مفاتيحَها في جَيْبِكْ
منذ مئةِ
عامْ . .
و أنا أُحاول
أن أقنعَكَ باحترامِ حقوقِ الإنسانْ
و حقوقِ الأُنوثَةْ
و لكنَّكَ .
. كَكُلِّ ذكور القَبيِلَة . . .
بقيتَ
مصِرَّاً على الاحتفَاظِ بممتلَكاتِكْ . .
التي لا
تغِيبُ عَنها الشّمس . .
و بَقيتَ
رافِعاً أعلامكَ الحمْراء
فوقَ أسوارِِ
ذاكرتي . . .
6
أيُّها
الجالسُ مَلِكاً فوقَ عرشِ ذاكرتي
حَرِّرني و
لو ليومٍ واحدٍ من سُلطانِك
فكلُّ شارعٍ
أمشي فيه . . . يحمِلُ اسمَك
و كلُّ مقهى
ألجأُ إليه . . . يرفُضُني وحدي . . .
و كلُّ
حديقةٍ عامةٍ تُـقفَلُ أبوابَها في وجهي . .
و كلُّ
البوتيكات التي أشتري منها ثيابي
لا تبيعُني
شيئاً . . . قبلَ أن أستشيرَكْ . . .
فاخرُج من
تحت جِلْدي
حتّى أعيشَ
حياتي بصورةٍ طبيعيَّةْ
و أتنفَّسَ
بصورةٍ طبيعية .
7
إننِي أحملكَ
في داخلي
كامرأةٍ في
شهرها التاسعْ . . .
فكيفَ أتخلصُ
منك ؟
كيفَ أقطعُ
حبْلَ مشيمتي معَكْ
و أنت
مشتَبِك ككُرةِ الصّوفْ
بأحلامي , و
رغباتي , و جهازي العصبيّ ؟
كيفَ أتركُكَ
على قارعةِ الطريق
تحتَ الثلجِ
و المطر , و الأعاصيرْ . .
و أنت أوّلُ
طفلٍ ولدتُهُ
و آخرُ طفلٍ
سوفَ ألِدُه ؟ . .
8
لقدْ سقَط
جدارُ برلين , يا سيِّدي
و سقطَت
حجارة العالم القديمْ
و تحرَّرت
جنوب إفريقيا من حكم الرجُل الأبيَضْ
بعد ثلاثمئة
عامْ . .
فلماذا , يا
أيُّها الرجلُ الأبيَض
تواصل احتلال
ذاكِرتي ؟
لماذا تزرعُ
الألغام في ذاكرتي ؟
و الحرائقَ
تحت مخدّتي ؟
9
كيف أقتلعُكَ
من ذاكرتي
و أنت
متشبّثٌ بها
كما تتشبّث
الشُّعَب المرجانيّةْ
بصخورِ البحر
الأحمر ؟ . . . . . . . . . . .
10
يا أيُّها
المستأجرُ الأبديُّ لمشاعري
اذْهَبْ إلى
أي فندقٍ تشاءْ . . .
و أنا سأدفعُ
أجرةَ إقامتِكْ
ادخلْ إلى
أيِّ مقهى تختارُه . . .
و أنا
سأدفَعُ ثمنَ قهوتِكْ . . .
تزوَّج من
أيِّ امرأةٍ تعجبُكْ
و أنا سأدفعُ
لك المهْر ! !
من ديوان: خذني إلى حدود الشمس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق