الأحد، 26 أغسطس 2018

الورود تعرف الغضب - مقاطع - شعر: سعاد محمد الصباح



الورود تعرف الغضب

مقاطع

انا لك تلميذة نابهة
فعنك اخذت نقاء ثيابي البسيطة
وزينة وجهي البسيطة
وكحلة عيني البسيطة
وقصة شعري البسيطة
فأنت المعلم في كل شيء وعنك اخذت
ألوف الشؤون الصغيرة

°°°
ماذا افعل بتراثك العاطفي
المزروع في دمي كأشجار الياسمين؟
ماذا أفعل بصوتك الذي ينقر كالديك؟
وجه شراشفي
ماذا افعل برائحتك
التي تسبح كأسماك القرش في مياه ذاكرتي؟
ماذا أفعل ببصمات ذوقك.. على أثاث غرفتي
ألوان ثيابي
وتفاصيل حياتي؟
ماذا أفعل بفصيلة دمي
يا أيها المسافر ليلا ونهارا في كريات دمي؟

°°°
خطر ببالي في هذه الليلة
ان افتح رسائلي القديمة وأقرأها
لم أكن اعرف انني ألعب بالنار
وانني افتح قبري بيدي
بعد دقيقة من القراءة احترقت اصابعي
بعد دقيقتين
احترق المصباح الذي كنت اقرأ على ضوئه
بعد ثلاث دقائق
احترق غطاء سريري
بعد خمس دقائق احترق ثوب نومي
ولم يبق مني سوى كوم من الرماد

°°°
آه يا لبنان لو تسافر بي
بعيدا عن ارض لم يبق فيها سيف مرفوع
آه لو تمسكني من يدي
وتغسلني بمياه بحرك
وتزينني بشقائق النعمان والنوير والياسمين
آه لو تنقلني من زمن النثر الى زمن الشعر
ومن زمن العطش الى زمن الماء
آه لو تأخذني الى حدود الكبرياء

أرمي نفسي فوق أدغال صدرك
وأدخل في رطوبة شفتيك

أصعد إلى أعلى نقطة في العشق
حتى أضيع توازني
وأرمي بنفسي, بلا مظلّةْ
فوق أدغال صدرك
فإذا وصلت إليك
عشرين ألف قطعة
فارجو أن تلصق أجزائي
أصطدم بغيوم عينيك الماطرتين
فاتحول إلى مطر
وأدخل في رطوبة شفتيك المائيتين
فاتحول إلى غابة
كلما لمستك أتحول إلى حقل حنطة
أو زهرة زنبق
أمضغك في الحلم كحبة فاكهة
فيسيل السكر على جدران ذاكرتي
وعندما استيقظ في الصباح
وأشرب قهوتي وحدي
أجدها مرة
أيها الرجل الذي لا يُرى بالعين المجردة
ليس مهماً أن تتجسد
ليس مهماً أن تتجلى
على شكل اله أغريقّْي
أو على شكل كاهن بُوذيّْ
إنني أعرف جيداً
أنني أقامر على رجل لا يأتي
أنني أعرف جيداً
أنني أكتب على الماء
وأقرأ في كتاب الريح

السيمفونيه الرمادية 

يا أحبابي 
كان بوُدّي أن أُسْمِعَكُمْ
هذي الليلةَ ، شيئاً من أشعار الحُبّْ
فالمرأةُ في كلِّ الأعمارِ
ومن كلِّ الأجناسِ 
ومن كلِّ الألوانِ
تدوخُ أمامَ كلامِ الحُبّْ
كان بوُدّي أن أسرقَكُمْ بِضْعَ ثوانٍ
من مملكةِ الرَمْلِ ، إلى مملكةِ العُشْبْ
يا أحبابي 
كان بودّي أن أُسْمِعَكُمْ
شيئاً من موسيقى القلبْ
لكنَّا في عصرٍ عربيٍّ
فيهِ توقّفَ نَبْضُ القلبْ 

-2-

يا أحبابي 
كيف بوُسْعي ؟
أن أتجاهلَ هذا الوطَنَ الواقعَ فيِ أنيابِ
الرُعْبْ ؟
أن أتجاوزَ هذا الإفلاسَ الروحيَّ
وهذا الإحباطَ القوميَّ
وهذا القَحْطَ .. وهذا الجَدْبْ 

-3-

يا أحبابي 
كان بودّي أن أُدخِلَكُمْ زَمَنَ الشّعِرْ
لكَّن العالمَ – واأسَفَاه – تَحوَّلَ وحشا مجنوناً
يَفْتَرِسُ الشّعرْ 
يا أحبابي
أرجو أن أتعلَّمَ منكمْ
كيف يُغنّي للحرية مَنْ هُوَ في أعماقِ البئرْ
أرجو أن أتعلّم منكمْ
كيف الوردةُ تنمُو من أَشْجَارِ القهرْ
أرجو أن أتعلّم منكمْ
كيف يقول الشاعرُ شِعْراً
وهوَ يُقلَّبُ مثلَ الفَرْخَةِ فوقَ الجمرة

-4-

لا هذا عصرُ الشِعْرِ ، ولا عصرُ الشُعَراءْ
هل يَنْبُتُ قمحٌ من جَسَد الفقراءْ ؟
هل يَنْبُتُ وردٌ من مِشْنَقَةٍ ؟
أم هل تَطْلَعُ من أحداقِ الموتى أزهارٌ حمراءْ؟
هل تَطْلَعُ من تاريخ القَتلِ قصيدةُ شعرٍ
أم هل تخرُجُ من ذاكرةِ المَعْدنِ يوماً قطرةُ ماءْ
تتشابهُ كالُرّزِ الصينيّ .. تقاطيعُ القَتَلَهْ
مقتولٌ يبكي مقتولاً
جُمجُمةٌ تَرْثي جُمْجُمةً
وحذاءٌ يُدفَنُ قُرْبَ حذاءْ
لا أحدٌ يعرِفُ شيئاً عن قبر الحلاّجِ
فنِصْفُ القَتلى في تاريخِ الفِكْرِ 
بلا أسماءْ 

Biografia
°°°°°°°°°°
Suad Alsabah / Kuwait
سعاد الصباح / الكويت