الأحد، 31 مارس 2013

د. سعاد.. والجاحظية


الدكتورة سعاد الصباح وأوديسية الجاحظية

بقلم الطاهر وطار




سنة 1990, عاما, بعد تأسيس الجمعية الثقافية الجاحظية, كنت أشكو للشاعر الكبير أدونيس وكان ضيفا علينا, وضعية الجمعية المالية,  باعتبارها جمعية تتجه إلى الاستقلال التام عن السلطة وعن أجهزتها, وباعتبارها, جمعية تتجنب الخلط بين الثقافي والسياسي, وأنها تترك السياسة للأحزاب ذات الاختصاص, وأننا صممنا على تخليص الثقافة من السياسة.
وصل بنا الحديث إلى المجتمع المدني العربي وإلى الدكتورة سعاد الصباح.
أثنى عليها ونصحني بأن أتوجه إليها, فإنها لن تبخل على مشروع من هذا النوع.. والحق أقول, اعتراني نوع من الشك في كلام أدونيس, فقد كان متحمسا على غير عادته حينما يتحدث عن الشعراء والشاعرات.
لم أكن أعرف عن سعاد الصباح سوى ما يروج بين الشعراء العرب, حول بعضهم البعض, فقد تلقنوا على أبي الطيب المتنبي, أن كل واحد منهم أول وأخر زمان الشعر منذ قفا نبك, إلى قتلناك يا آخر الأنبياء.
لو أنها روائية أو قاصة, لتتبعت ما تكتب ولصنفتها, وصنفت كتبتها, أما وهي شاعرة, وأنا والشعر لا نلتقي إلا في الأمسيات حيث تشدني كروائي حركات ونبرات وملامح الشاعر أكثر مما تشدني صوره وبلاغته.
مع أنني لم أتأكد من نصيحة أدونيس, فالرجل باطني, ويعسر على المرء أن يميز بين المخفي والظاهرعنده, فإنني بكل بساطتي وسذاجتي, كتبت رسالة لا أذكر اليوم ما قلت فيها, ولربما تكون في وثائق الجاحظية ما تزال, إنما وبكل تأكيد أكون قد شرحت فيها مشروع بعث جمعية مدنية مستقلة عن السلطة والأجهزة هو في عامه الثاني. لم أكن أملك عنوانا أخاطب به شاعرة ثرية, لقبها الصباح.
فاكتفيت بنعوت المجاملة والاسم واللقب, والكويت.
اكتفيت بالثقة في ساعي البريد, وفي أن وزير البريد الكويتي نفسه, سيسعف الرسالة الغريبة. فيما بعد تساءلت, عما إذا لم أكن قد أهنت نفسي وأهنت الشاعرة وأهنت بلدها باعتباره حارة واحدة, كل الناس فيها تعرف بعضها.. كم رسالة من هذا النوع, يوجهها الفقراء والمساكين واليتامى وأبناء السبيل, والمارقون عن الطواغيت؟
تذكرت حماقاتي من هذا النوع وأضفت إليها هذه الحماقة البدوية أيضا. واتكلت على الذاكرة في التخلص من كل مكروه كما تعودت أن تفعل.
انحراف الروائي في, ظل يشغلني بأميرة تقول الشعر, وتمتلك فلوسا كثيرة.. كيف تحيا كيف تعيش, كيف تقرأ الشعر, هل يمكن أن تعشق شاعرا غليظا كالشنفرى, وهل يمكن لشاعر يتبطن في كل ما حوله وما عليه مثل أدونيس أن يحلم كما يحلم باقي الشعراء عادة بأميرة, يقطع لسانها كي لا تسمعه شعرها, أو خواطرها وهمومها, ويظل يسكر ويقرأ عليها ما كتب وما حفظ, وعندما يصيبه الملل يشبعها ضربا وبكاء ونحيبا وشكوى من الوضع العربي اللئيم.
لم أعرف الأميرات والأمراء إلا في الأدب الروسي, أو في بعض الأفلام الغربية, وأدبنا العربي القديم يحبب إلينا أكثر الجواري والقيان, وتصوري الخاطئ أيامها عن الأوضاع الحضارية في شبه الجزيرة والخليج, عقد علاقتي بهذه الأميرة الصحراوية.
مرة أراها تمتطي ناقة بيضاء وتطل من هودج فلا يرى منها سوى عينين دعجاوين لامعتين, مرة أراها في سيارة من آخر طراز وفي لباس ينزع عنها مع الأسف الشديد كل وقار الأميرات.
آسف أسفا شديدا وأقول لا يحق لأية أميرة سوى أن تكون أميرة.. سواء أكانت على ناقة أم على سيارة أم في طائرة أم على حصان رشيق.
كثيرا ما أتساءل أين يخفي أثرياء وأمراء الجزيرة والخليج ثرواتهم؟ هل يضعونها في صناديق ويخفونها في الرمل؟ ومتى يعدون نقودهم, إذا كانوا يعدونها فعلا؟
لا. أميرتي, تقول الشعر, ولا شك أن ما يسيطر على ذهنها بعيد جدا عن غير الصور الشعرية, والعواطف الرقيقة النبيلة.
لم نكن نسمع أيامها بدار سعاد الصباح للنشر, ولا بمشاريع عبد العزيز سعود البابطين, ولا بجائزة العويس.
أتذكر في خجل رسالتي الضائعة, وأتساءل عن مصيرها, وأتحول إلى شاب مراهق, تفطن والد جارته إلى الرسالة فقرأها في غضب ثم أحرقها قبل بلوغها صاحبتها.. وأركز اللوم على أدونيس وأقول إنه هو الذي وشى بي…لدولة الكويت.. للأمم المتحدة.. للجامعة العربية كذلك. فللشعراء تقلبات وأهواء, ألم يقل فيهم تعالى: ".. يتبعهم الغاوون.." ولا أعتقد إطلاقا أن أدونيس من الذين عملوا أو يعملون الصالحات.
وإلا لما ضاعت رسالتي للأميرة الشاعرة.
أنسى حماقتي المتمثلة في مراسلة شاعرة برنسيسة بدون عنوان دقيق.
كان لي موقف صارم أثناء غزو الكويت من طرف جيش الصدام, حيث مشيت في الخط المعاكس للأغلبية الساحقة من الرعاع والأدباء والكتاب العرب, أولئك الذين يدينون الديكتاتورية والفاشية وينادون بالديموقراطية, وفي نفس الوقت يبيتون على حلم أن يستيقظوا في الصباح وفوق رقابهم جزمات بيسمارك وهتلر, حتى تتحول العشائر والقبائل إلى أمة واحدة ذات رسالة خالدة... ومشيت أيضا ضد التيار المسيطر في الشارع الجزائري وفي مؤسسة الإذاعة بالذات التي كنت أديرها.
كان العقل غائبا, وكان الناس من حولي خارج الزمن, حتى أن بعضهم تحدث عن مفعولات سحرية يمتلكها الصدام, وسيخرجها في الوقت المناسب, لتكون طيرا أبابيل, تفني الأمريكان ومن معهم في رمش عين.
سألت رئيس التحرير حينها وهو اليوم صحافي "قد الدينا" في إذاعة غربية شهيرة, هل استعمل الماريشال الروسي فعلا عبارة "العدوان الأمريكي" على العراق؟
قال: إنما دعما لإخواننا العراقيين...
-              تعلن حربا عالمية أخيرة, قلت وأضفت, أنت معزول من منصبك.
وانطلقت الحرب ضدي.. وطار يكره العرب لأنه بربري. وطار عميل للأمريكان وللصهيونية ولربما لموقاديشو.
وانحصرت العروبة في قتل عربي قوي لعربي ضعيف.. في مازوشية  غريبة.
أيامها, تذكرت الرسالة التائهة وحمدت الله على أنها لم تصل, لأتمتع براحة الضمير, ولا أقع تحت طائلة المثل "أطعم الكرش تستحي العين", وعدت ألوم أدونيس لأنه أراد أن يورطني, في علاقة لا تعبق بروائح العطر الأميري, وإنما برائحة تلكم الآبار التي كانت تحترق أيامها, ثم عدت فشكرته على الوشايات التي قام بها ضدي ما في ذلك شك.
مع ذلك ضحكت وأنا أتذكر الذئب والعنب الذي لم يطله...
الدنيا عجائب, وللبشر حالات وحالات. وعسى أن يكره المرء شيئا وهو خير له.
ذهبت أكثر من مرة إلى الكويت, وفي كل مرة أكتشف شعبا نشيطا, يحسن العيش ويحسن التجارة, ويقرأ كثيرا.. وفي كل مرة أتمنى لو ألتقي بالشاعرة صدفة ودون سابق ميعاد, فأنا بالإضافة إلى خجلي, والخشية من أن يفسر الناس شعبيتي بأنها ابتذال وسوقية خروتشوفية... أفضل في أمور معينة, الحلم الصوفي في الحلول والتجلي.
جميل أن تظل الخاطرة خاطرة, رشيقة, تحملها الرياح وتطوف بها على المروج والرياض... ولليلى الحق كل الحق في أن تبتعد عن المجنون, كلما دنا منها. والمثل الأعلى إذا ما بلغناه, فقد علويته وتدنى, وخلفه مثل أعلى منه.
ثم إنني لم أكلم أميرة في حياتي, إلا تلكم التي تزورني قبل النوم قادمة من أعماق البحار, تأخذني من يدي إلى عالم لا ظلم ولا حيف فيه.
كان بودي أن أسأل الدكتورة الشاعرة, هل وصلتها رسالتي, وهل عدم ردها كان استياء. إلا أنني لم أصادفها إلا وهي تغادر الفندق بمدينة الرباط, حيث كانت تشارك في أشغال اللجنة العربية لحقوق الإنسان, إن لم تخني الذاكرة. وحيث كنت أشارك رفقة سعدي يوسف وعز الدين المناصرة, في ملتقى الرباط الثقافي.
كانت بحق رغم تواضع لباسها واحتشام زينتها, أميرة عربية, رشيقة, ولطيفة.
حيتنا بابتسامة, كان نصفها الأكبر موجها لي. وتمنيت لو أستوقفها فأسألها, هل هي ابتسامة امتنان لموقفي من قضية بلدها, أم هي وعد بالرد على رسالتي المسكينة.
أردت أن أقول لها ما قلته في مدينة الكويت على منبر اتحاد الكتاب, إن الوفاء للمبادئ والالتزام بها في جميع الحالات لا يستوجب إطلاقا الشكر والثناء.. إن راحة الضمير, هي أغلى ثمن يتقاضاه المرء عن مواقفه, وإلا لما استشهد شهيد عبر التاريخ.
مرت الشاعرة كالغيمة, بينما راح سعدي يوسف, بعد أن عرف حكايتي مع أدونيس, ومع الرسالة التائهة, ينوه بمناقبها وبشعرها, ويعدني بأن يساعد الجاحظية، بالتقريب بينها وبين الأميرة الكريمة.
وعلق ضاحكا, الظاهر أن أدونيس يكن لك ودا استثنائيا...
لقد عمل صالحا, قلت وأنا أتذكر الذين يتبعهم الغاوون ومنهم سعدي يوسف, وعز الدين المناصرة وسعاد الصباح.
كثيرا ما تحضرني الحالة الجزائرية, والحالة الجزائرية, هي أن تكسر الكأس الذي في يدك, ظنا منك أنه عزيز على كل من حولك وأنه لا أحد منهم يجرؤ على فعل ذلك.. ذلك أحد أوجه الحالة الجزائرية.
أيها العرب إن كفاح الجاحظية, جزء من كفاح الشعب الجزائري, ضد الاستعمار الجديد وضد التغريبيين, ومن أجل أن يبقى معكم  عربيا.. لم أقل لسعدي ما خطر ببالي, حين حصر نصيحة أدونيس في العلاقة الشخصية بيني وبينه.. ولم يكن يومها, الدكتور نصر حامد أبوزيد, قد تدخل لدى مؤسسة الأمير كلاوس ليدعم الجاحظية بآلة طابعة قيمتها خمسون ألف دولار, اقتناعا منه برسالة الجاحظية وبجدية معركة الشعب الجزائري, وببؤس الطاهر وطار.
عثرت على عنوان الدكتورة قبل ذلك, في وثائق منتدى الفكر العربي الذي يرأسه سمو الأمير الحسن بن طلال, بعد أن  ضممت إليه دون طلب مني, ثم طردت منه لفقري, عندما عجزت عن تسديد ثمن اشتراكي, وهو مبلغ زهيد نسبيا, طالما ألححت على ناشر روايتي "الشمعة والدهاليز" بعمان أن يسدده, لكن عبثا, فلا دفع ولا دفع...تولاه مولاه... ومرة أخرى, أستعمل الآية الكريمة: "عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم", فالتغيير لا يأتي أبدا على أيدي الشيوخ والمتقاعدين...وذوي السوابق في مناهضة الفكر اليساري, وأيديولوجية الطبقة العاملة.
كنت سأجد نفسي بينهم كصالح في ثمود, ولربما تحضرني الحالة الجزائرية في أول جلسة أحضرها, فيكون ما يكون...
 يكفيني هم الجاحظية, التي بلغت قدرا كبيرا من السمعة وأصبحت مطالبة, بأن تؤدي أدوارا لا طاقة لها بها, تكبر تكاليفها ككرة الثلج.. ولقد انسقنا وراء الفراغ الثقافي الذي ساد ويسود, خاصة بعد أن تخلت الدولة أول ما تخلت, وهي تغازل صندوق النقد الدولي على دعم الثقافة, فتوقفت المؤسسة الوطنية للكتاب, وتعطلت مجلات الوزارة, وانسدت أبواب النشر في وجوه الكتاب شبابا وغير شباب, وأغلق المسرح.. ولم يبق سائدا سوى أغاني الراي البذيئة, والقتل والحديث عن القتل, وتعليقات الكتاب والفنانين "الجمهوريين" من القنوات الفرنسية محرضة على القضاء النهائي على الآخر ومن ضمنه الطاهر وطار...
ما لم تستطع السلطة التخلص منه, هو ذهنية الحزب الواحد, المهيمنة على كل قطاعات الحياة, حتى وإن كان يعتريها الوهن والعجز. والانزعاج من كل مؤسسة أو جمعية أو حزب لم تخلقه هي أو لم تستول عليه.
كنا قطبا وحيدا في الساحة, وكانت الصحافة تلتقط أخبار نشاطنا بتلهف, وكان هذا يزعجنا كثرا, وفشلنا في تفاديه. وهو ما يجنن الأوتوتاريات العربية.
حاولوا تشظية الجمعية (والتشظية أسلوب تتبعه الكاجيبي ومن تتلمذ عليها أحيانا بصفة آلية) ففي 1993 عندما منحوا مبالغ طائلة لمجموعة من الأدباء وأمروهم بإنشاء جمعية سموها المعني.
حاولوا بعد سنة إغراء عضو مكتب منا ووضعوه رئيسا للمعنى, ولما فصلوه عنا تخلوا عنه بكل أخوة.
جندوا طاقات عديدة لإنعاش اتحاد الكتاب, دون جدوى.
اجتمعنا - مكتب الجمعية - مع وزير الاتصال والثقافة, وشكونا له حالنا, فما كان من معاليه, إلا إنشاء جمعية, ترأسها معاليه, ووضع رئيس ديوانه, أمينا عاما لها.. لما طالبنا بتطبيق ما ورد في محضر الجلسة الذي بيننا تساءل, عن أي محضر يتعلق الأمر.. وقبل أن يغادر الوزارة, كلف معاليه من أنشأ جمعية جديدة.. ما تزال لحسن الحظ نشيطة.
الفرنكوفونيون ومن معهم من الداخل والخارج, أجمعوا على أنه لا فرق بين علي بلحاج وعباسي مدني والطاهر وطار.
كنت الوحيد من الكتاب الناجي من الوقوع في فخ تأييد إيقاف المسار الانتخابي, بزعم الدفاع عن الجمهورية التي لم أعرفها في يوم من أيام استقلال الجزائر... فلم يكونوا يرون من الجاحظية سوى شخصي, ولا يزالون ك\لك حتى اليوم, إذ لا يرد اسمي أو الجمعية, في جريدة مفرنسة, إلا  في حالات الشتم والقذف.
يوزعون الدعم على الجمعيات, فيكون نصيب الجاحظية, أرذل نصيب, إن لم يوقفوه أصلا, بل لقد أرسلوا المجلس الأعلى للمحاسبة ليدقق قرابة الشهرين في حسابات الجاحظية, بحثا عن الخلل, لكن في الأخير ولنزاهة المحاسبين المكلفين وضعوا تقريرا, ينوه بنشاط الجاحظية ويطالب بدعمها ويدين وزارة الثقافة.
بلغنا حد الفاقة والاحتياج, ولم يبق أمامنا سوى الاستسلام, للمصير الذي حدده  أعداء وخصوم الثقافة.
صارت تعتريني حالات هوس, أستيقظ في الليل, هاربا من فراشي, يطاردني السؤال ما العمل؟
مجلة التبيين ينبغي أن تتواصل.
العدد الجديد من مجلة القصيدة ينبغي أن يصدر.
كراء المحل ينبغي أن يدفع.
الفرقة المسرحية المتأهبة للسفر إلى القاهرة في إطار المسرح التجريبي,  ينبغي أن لا تتوقف رغم أن الوزارة رفضت الفكرة من أصلها.. زاعمة على لسان مدير الآداب والفنون الشاعر أحمد حمدي أن الدولة سترسل فرقة "وطنية". والغريب في الأمر أن وزير الثقافة يومها هو  ابن شاعر الثورة الذي نبذته الجزائر بعد الاستقلال, فكرسنا له جائزة شعرية سنوية مغاربية, أعادت له الاعتبار وأعادته إلى الساحة, وصرنا نحسد عليه, وقد كنا نتوقع هذا منذ اليوم الأول.
الدائنون – كثر الله خيرهم – طال صبرهم وسكوتهم أيضا.
المبالغ الزهيدة التي ندفعها للبنات المتعاونات وللمحاضرين يجب أن لا تتوقف.
أصرخ: لن أسمح ما دمت على رأس الجمعية, بالرضوخ للسياسيين, فنغرق في مواقف التأييد والمساندة, والاستنكار والتنديد وما إلى ذلك من عبارات قاموس الديكتاتوريات.
شجعتني بسمة الأميرة الشاعرة, التي لم أفهم كنهها حتى اليوم, على كتابة رسالة ثانية, أشكو فيها ضيق الحال, ولا أدري الباقي من العبارات التي استعملتها, ولحسن حظ الجاحظية, صادف أن سجلت معي المنشطة التونسية المثقفة كوثر البشراوي حصة, لم تخف فيها تعاطفها مع الجاحظية, ولم أخف فيها الوضع.
جاء رد الدكتورة الشاعرة سعاد الصباح, غيثا سحساحا, مع كلمة طيبة ترق فيها لحالي وحال الجاحظية.. وما يزال من سنة لأخرى يطل علينا بريد لطيف من الكويت الشقيق, يحمل في ثناياه جزءا من البسمة اللطيفة التي أثق في أن نصيبها الأكبر كان لي.
مازلنا كلما ضاق بنا الحال, نعلق الأمل على تلكم البسمة, وما زلنا نسعى لاستقدام الشاعرة, وليس غير الشاعرة, لتقرأ الشعر في رحاب الجاحظية, ومنذ أيام, (مطلع أوت 2001) طرحت الفكرة على رئيس ديوان رئيس الحكومة فرحب بذلك.
أيتها الأخت الطيبة.
إن ما نفعله, أنت ونحن, وكل الذين يحاربون الجهل والطغيان, هو وحده الطريق الموصل لوحدة أمتنا الكبيرة.
بفضل تدخلك في الوقت المناسب, تستمر الجاحظية حتى اليوم.
إن عشرات الشباب الذين ننشر لهم أعمالهم يثنون  عليك وعلى بلدك العزيز.
إن عشرات الشباب الذين يتعلمون القيثارة والبيانو يحيونك بكل نغمة يعزفونها.
إن مطبعتنا المتواضعة, لم تتوقف عن الدوران بفضل دعمك. وبكل فخر نعتبر ما يصدر عنها جزءا من منشورات دار سعاد الصباح.
لقد أنقذتنا في الوقت المناسب, فلك الشكر الجزيل.
وكان الله معك في كل الأحوال.
‏الاربعاء‏، 30‏ كانون الثاني‏، 2002

الخميس، 21 مارس 2013

عندما تصير الأم وطنا



 بقلم:  د. سعاد الصباح

في هذا العالم الملوث الذي يحاصرنا، تبقى الأم هي الغابة الخضراء الوحيدة، التي يمكن أن
ننام تحت أشجارها الوارفة .
وفي هذا العالم المتخشب العواطف، والنرجسي، والأناني، تبقى الأم هي ينبوع الحنان الوحيد الذي يمكن أن نغتسل بمياهه العذبة
وفي هذا العالم الذي لم يعد فيه قديسون، ولا أنبياء، تبقى الأم هي الكتاب المقدس الذي يمنحنا الإيمان والثقة وراحة النفس..
وفي هذا العالم المهدد بالإشعاعات النووية، والمسلّح حتى أسنانه، تبقى الأم هي منطقة السلام الوحيدة التي ترفع رايات الرحمة والمحبة. .
وفي هذا العالم المادي، الاستهلاكي، الراكض وراء منافعه وملذاته الأرضية، تبقى الأم هي
الجزيرة الوحيدة التي تتعاطى زراعة الورد... وصيد السمك... وكتابة الشعر
وفي عالم عربي يأكل بعضه بعضاً، وتنهشه الأحقاد والخلافات الطائفية والمذهبية والعقائدية، تبقى الأم هي المؤسسة الوحيدة التي تنادي بالحب، وتدعو الأخوة المقاتلين إلى إلقاء أسلحتهم، والعيش المشترك تحت سقف العروبة الواحد... 
وفي عالم عربي تخلى عن عبادة اللهّ إلى عبادة نفسه، وتخلّى عن قيمه العظيمة، ومبادئه
الأخلاقية التليدة، وميراثه الفكري والحضاري العميق، تبدو الأم وكأنها المرفأ الأخير الذي
يمكن للعالم العربي أن يلتجئ إليه للوصول إلى شاطئ السلامة.
فليت العرب يتعلمون من الأم، كيف يحبون بعضهم، وكيف يعانقون بعضهم، وكيف يتعايشون، وينامون تحت سقف واحد.
إن يوم الأم هو مناسبة كبرى نتعلم منه كيف نكون متحضرين... وكيف نكون طاهرين...
وكيف نكون مثاليين... وكيف نكون عاشقين .  .
فياليت رجال السياسة في الوطن العربي يتعلّمون من أمهاتهم، كيف يمارسون الحكم بعدالة، ورحمة، وتجرد، ومساواة.
وليتهم يتعلمون من أمهاتهم، كيف يخدمون الرعية، وكيف يعملون من أجل سعادتها ورخائها، وكيف يحترمون حقوق الإنسان، ويؤمنون له لقمة الخبز... ونسمة الحرية.
 قد يسألني سائل: وما علاقة يوم الأم بالسياسة والسياسيين؟
وأجيب عن هذا السؤال بأن الأم ليست مدرسة بيولوجية أو عضوية فحسب... ولكنها مدرسة سياسية كبرى يتخرج فيها كل الرجال الذي يحكمون العالم.
فإذا استوحى هؤلاء الرجال من سلوك وأخلاقيات أمهاتهم فإنهم بكل تأكيد سيحكمون شعوبهم بصورة نموذجية.
أما إذا كان هؤلاء الرجال لم يرضعوا حليب أمهاتهم جيداً، ولم يعرفوا الدفء في أحضانهن... فإنهم سيحكمون شعوبهم بصورة شيطانية... ويصبون عليها كل أحقادهم وعقدهم، وإسقاطاتهم النفسية.
إذاً، فالأم ليست مدرسة واحدة... ولكنها مجموعة مدارس وجامعات نتعلم منها جميع ألوان
المعرفة، ونأخذ عنها دروس اللغة، والتاريخ، والجغرافيا... كما نأخذ عنها دروس الوطنية
والانتماء القومي.

الثلاثاء، 12 مارس 2013

لقاء مجلة ماري كلير - مارس 2013












-1  نرى اليوم توجها كبيراً نحو الشعر الشعبي ولاسيما في منطقة الخليج، هل يعني ذلك غياب الشعر الفصيح من الساحة حالياً؟ وهل يؤدي  ذلك بدوره لضعف او تدمير لغتنا العربية التي تعتبر بحرا في الكلمات والمفردات والمعاني؟
- اللغة العربية لا تضعف.. وإن ضعف العرب فكريا، وسياسيا، وعلميا.. فهم بذلك يهجرون مكامن القوة فيهم.. ومنها اللغة العربية.
وعندما يتنبهون لمصادر وجودهم وعزتهم، سيعرفون أن من أهمها لغتها الأم.. لغة القرآن.
وهي اللغة التي وإن أصيبت بوعكة.. فإنها لا تنهار ولاتذوي.
فهي لغة محمد النبي.. ولغة المتنبي الشاعر.. ولغة الحكماء والمبدعين والعلماء.
أما الشعر الشعبي.. فأتعامل معه على أنه حالة إبداعية ونتاجا إنسانيا مجردا.. جميلا وممتعا، يشبه حنان أم تهدهد طفلها وتغني له بإحساسها الشعبي وكلامها العامي أجمل شعر..
الابداع الشعبي لايدمر اللغة.. لأنه فرع منها.. مثله مثل روافد الأنهار الكبيرة، التي تتسرب في مجراها الخاص فتكوّن على الضفاف حقولا جديدة.
ويبقى البقاء للنهر العظيم..

-2  بعض الأدباء والشعراء يرفضون ترجمة أعمالهم اعتقادا منهم أن الترجمة تفقد المادة (الأدبية أو الشعرية ) قيمتها، هل  الترجمة تفقد هذه القيمة؟  أم أنها أداة لنشر الثقافة العربية بالخارج؟ وماذا عن ترجمة أعمال الدكتور سعاد الصباح؟
- الترجمة قد تلغي بعض وهج الإبداع.. وتخفي شيئا  من روح النص.
هذا يحدث في الشعر تحديدا.. لأنه منسوج من لغته بطريقة شديدة الخصوصية.
أما النثر والرواية فالمترجم الذي يملك حسا أدبيا يستطيع أن يرتكب فكرة تناسخ الأرواح الأدبية.. فينقل الأدب من لغة إلى لغة بنفس الروح..
وقد قرأنا الكثير من الروايات العالمية المترجمة التي احتفظت بحرارتها.. وسمعنا صرخات ولادتها الأولى وكأنها ولدت في كل اللغات.
لكن الشعر مازال يعاني من بعض التغريب يحدث له عند الترجمة.
ربما لأن الشعر هو ابن لغته الأم.. ولايقبل أن يكون ابنا بالتبني لأي أم اخرى!
رغم ذلك.. قد تتوافق الأرواح بين الشاعر والمترجم.. فيقع الإحساس على الإحساس وتتآلف المشاعر.. فتنتج ترجمه ناجحة.. وهو قليلا ما يحدث.
وهذا لايعني أن نلغي أو نرفض فعل الترجمة.. فنحن لم نكتب إلا لنتواصل مع الإنسان أينما كان..


 - لكل كاتب طقوس خاصة أثناء الكتابة ، ماذا عن طقوس الدكتورة سعاد الصباح ؟
_ عندما يكون طقسي غائما .. تكون أمطاري الدافئة
عندما يكون طقسي عاصفا.. أكتب الأعاصير
ولي مع كل كتابة فصل..
أضع على الطاولة حزني وأحاكيه
ويجلس أمامي غضبي فأحاكمه
وأنثر ذكرياتي فأرسمها طيفاً طيفاً
هذه أهم طقوسي..
ولتذهب بقية الطقوس المادية إلى الشكليات..

-3  منذ البداية وكتاباتك تنشر تحت اسم صريح إلا أن هناك من الشعراء والكتاب ممن يتخفون وراء أسماء غير صريحة، وهمية، هل يمنح هذا التخفي شهرة لهؤلاء الكتاب والشعراء ؟

- للآخرين أسبابهم..
لكنني أكتب ليظهر من يخاف الظهور..
لأنني حددت اختياري منذ البدايات:
(سوف أبقى دائما أمشي أمام القافلة..
وسوف أبقى دائما مقتولة أو قاتلة)



4   - بالرغم من كتاباتك الكثيرة  سواء في الشعر أم النثر إلا أن رصيدك من الدواوين قليل مقارنة بالتاريخ الطويل  لاسمك وإنتاجك الأدبي هل من سبب؟
- الرصيد الأدبي يقاس بالإحساس لا بالكم..
بما كتبته من حب.. لا بما سكبته من حبر.
وأصدقك القول أن المخزون في القلب والذاكرة أكثر بكثير مما هو مخزون في الورق.. برغم أكثر من 30 إصداراً وعشرات الدراسات والبحوث تنوعت في عوالم الفكر كان أكثر من نصفها للشعر ولا أظنها قليلة.

-5   كيف تنظرين لتقدير الأدباء والشعراء في وطننا العربي، هل بالفعل يتم تكريمهم بما يستحقون؟
- يبدو أن الإعلام العربي مؤمن بمقولة "اذكروا محاسن موتاكم".. لذلك هم لايذكرون محاسنهم إلا عندما يموتون..
فيعيش الأديب العربي طوال حياته على الهامش.. حتى إذا مات أصبح في الصدارة!

-6  تعيش الدكتورة سعاد الصباح عدة حالات يكتشفها القارئ في كتاباتها الشعرية أو النثرية ما يجعلنا نشعر بالتنوع  الذي نادراً ما يتميز به الأدباء، من أين تستمدين أفكار كتاباتك وهل تعكس كتاباتك الواقع بشكل عام؟
- أستمد أفكاري من سيف عربي .. هو آخر السيوف الشيخ عبدالله مبارك الصباح.. له كتبت أول نبضات شعري، ومعه تشكلت أحاسيسي.

اما حالات الإنسان.. فلا عدّ لها ولا قرار.. والقضايا العامة تفرض نفسها أحيانا على نفسي وفي شعري.


-7 هل لنا أن نتحدث عن كتيب( السيرة الذاتية سعاد الصباح) ولماذا قررت إصداره؟
ان كنت تقصيدين الكتيب الذي صدر قبل أشهر يضم بعض سيرتي العملية فهو مجرد سطور قليلة تلخص رحلة طويلة.. لايعدو كونه تعريفا لا أكثر
وإن كنت تقصدين السيرة الذاتية التي أفكر بكتابتها .. فإنها مشروع كبير.. أغوص في بحاره وكلما شارفت على الغرق.. رأيت فيه نجوما ترشدني إلى الطريق..
تلك النجوم تتلامع في فضاء ذلك المحيط.. تحمل وجه أبي وملامح أمي ومكارم عبدالله المبارك.. وأولادي وأحفادي..

-8 اجمل الذكريات في حياتك؟ وما أجمل اللحظات التي تعيشيها اليوم؟
- اللحظات الجميلة مثل طيور الربيع.. تأتي، لكنها سرعان ماتهاجر إلى بلدان أخرى.
وأجمل ذكرياتي سطرتها في كتابي : رسائل من الزمن الجميل.
- 9من رفيق د. سعاد الصباح اليوم؟
- أسرتي الصغيرة: أولادي وأحفادي.
وقبائل من الحروف تقف أمامي كل يوم.. تطالبني بحقّها أن تخرج إلى الحياة.

-10   ما الذي يستثير قلم د. سعاد الصباح للكتابة؟
- الإنسان.. أينما كان
-11    كثيرة مشاركاتك خارج الوطن ماذا عن هذه المشاركات وما الذي أضافته لك؟
-  الشجرة قد يزرعها شخص.. لكن ثمرها سيتذوقه .الجميع
أهم مافي هذه المشاركات أن حصادها يكون للوطن
وللإنسان
ولخدمة العلم والفكر.. والمشاعر النبيلة.
هذا هو أهم ما تضيفة..
12-   اسم د. سعاد الصباح لم يغب أيضا عن مجال حقوق الإنسان وكذلك حقوق المرأة والطفل ما يعكس إنسانية الدكتورة سعاد الصباح، حدثينا عن هذا الجانب في اهتماماتك؟
- حقوق أصبح اليوم يشغل بال العالم بأسره.
وقد نبهت في كتب أصدرتها في هذا المجال أن الإنسان الذي تسلب منه حقوقه الطبيعية المكتسبة يتحول إلى خطر على المجتمع وعلى الإنسانية..
وكذلك الطفل الذي لا يعيش طفولته.. ويحرم من حقه الطبيعي بطفولة آمنة سيتحول إلى خطر على المجتمع.
إنني أسعى في عملي - مثل آخرين - أن أعيد الإنسان إلى إنسانيته.. أو أسهم في ذلك.
وقلت شعرا:
(يا أحبابي:
 لا هذا عصر الشعر..
ولا عصر الشعراء
هل ينبت قمح من جسد الفقراء..
هل ينبت وردٌ من مشنقةٍ؟
أم هل تطلع من أحداق الموتى أزهارٌ حمراء؟
هل تطلع من تاريخ القتل.. قصيدة شعرٍ؟
أم هل تخرج من ذاكرة المعدن يوما قطرة ماء؟





الاثنين، 11 مارس 2013

أجمل المستعمرين




إنني إحدى الأعضاء القديمات..

في منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان..
ومنذ أن كنت طالبة 
وأنا أمشي في كل المسيرات..
التي تطالب برحيل الاستعمار..
ولكنني منذ عرفتك..
نسيت حقوقي..
ولم أعد متحمسة لرحيلك عني..
يا أجمل المستعمرين ..
!!

الأحد، 10 مارس 2013

حقوق الإنسان في الإسلام والفكر السياسي الحديث



بقلم: د. سعاد الصباح 


لا شك في أن التطور الهائل الذي نشهده الآن في ما يتعلق بتعزيز حقوق الإنسان وايجاد السبل المناسبة لكفالة الاحترام الواجب لها، هو نتاج تفاعل نوعين من الأفكار: فمن ناحية، هناك الأفكار السامية التي جاءت بها الأديان السماوية والتي حثت، كمبدأ عام، على وجوب احترام حقوق الأفراد جميعاً على قدم المساواة، ودونما تفريق بينهم على أساس من الانتماء الديني أو العرقي أو بسبب الاختلاف في النوع أو اللغة، أو أي اعتبار آخر.
ومن ناحية ثانية، هناك الأفكار التي تمثل خلاصة فكر واجتهادات الباحثين والمفكرين والفلاسفة على امتداد التاريخ الإنساني وعبر الحضارات والثقافات الإنسانية المختلفة.
ومؤدى ذلك، أن أي محاولة لفهم الأصول الأولى لمجمل القواعد المتعلقة بحقوق الإنسان، ينبغي أن تنطلق أساساً من هذين المصدرين الفكريين: الأديان أو الأفكار الدينية، من جانب، وتطور الفكر البشري، من جانب آخر.
وبما أن رسالة الإسلام هي الرسالة الخاتمة لكل الرسالات السماوية، فضلاً عن كونها رسالة عالمية شاملة، وأن هذا الموقف، في جوهره، لايكاد يختلف من دين سماوي إلى دين آخر، لذا فقد يكون من الضروري أن نعرض أولاً لتصور الإسلام لحقوق الإنسان، ثم نعقب ذلك بالإشارة إلى إسهام الفكر الفلسفي والسياسي الحديث في هذا الموضوع.





أولاً : الإسلام وحقوق الإنسان
كانت الأديان السماوية – اليهودية والمسيحية والإسلام- أول من وضع الأساس الفكري أو النظري لحقوق الإنسان فهذه الأديان هي التي حثت أتباعها على احترام حقوقهم المتبادلة، وعلى عدم التمييز في المعاملة في ما بينهم. بل لعلّنا لا نبالغ إذا قلنا بأن الأفكار الدينية كانت بمثابة "المباديء الاسترشادية" التي سار على هديها العديد من النظم السياسية والقانونية في ما بعد. وليس أدلّ على ذلك، مثلاً، من أن ما نصت عليه المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948، من عدم جواز التمييز بين الأفراد لاعتبارات خاصة بالجنس أو الأصل الوطني أو العرقي أو الديني أو بسبب الانتماءات السياسية، لايعدو أن يكون تكراراً لما شددت عليه الأديان السماوية قبل ذلك.
ويمكن معالجة موقف الإسلام لحقوق الإنسان من خلال التركيز على مداخل رئيسية أربعة نعرض لها في ما يلي :

1.   الإسلام والإنسان بصفته فرداً
الأصل في الإسلام أن الإنسان له مكانة خاصة يتقدم بها على الكثير من مخلوقات الله تعالى. وهذا المعنى هو الذي تشير إليه الآية الكريمة : " ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً" .
وقد نظر الإسلام إلى الإنسان الفرد نظرة مزدوجة: فهو من ناحية، يعتبر وحدة فريدة ومتميزة، أي هو في ذاته كل واحد. ولكن، ومن ناحية ثانية، اعتبر الإسلام هذا الفرد جزءاً أصيلاً من كيان مركب هو الجنس البشري. وانطلاقاً من هذه النظرة المزدوجة، يُعتبر الفرد في الإسلام أهمّ وحدة في الكون. وهو، لذلك، يُولد حّراً ومتمتعاً بكامل الحقّ في الاختيار ولا ينبغي إجباره أو حمله قسراً على القيام بتصرّف معيّن إلاّ في حدود مقتضيات النظام العامّ الذي يقوم عليه بنيان المجتمع ومصلحة كل أفراده. ومن أجل ذلك ايضاً لم يفرّق الإسلام بين الفرد المسلم والفرد غير المسلم الذي يعيش في كنف الدولة الإسلامية في ما يتّصل بالحقوق الأساسية للمواطنة، ومن أمثلتها: الحقّ في حماية الحياة والشرف والملكية، حّرية الفكر والتعبير والمعتقد، الحقّ في التنقل داخل أقاليم الدولة، الحق في التمتع بحرية التجمع والاجتماع، الحق في ممارسة العمل المناسب . . .

2.   الإسلام وعلاقة الفرد بالدولة
يمثل فهم موقف الإسلام لمسألة علاقة الفرد بالدولة التي يعيش في كنفها أو ينتمي إليها برابطة الجنسية، أحد المداخل المهمة للوقوف على كنه التصور الإسلامي لحقوق الإنسان بصفة عامة.
إن الأصل الذي تُبني عليه هذه العلاقة، بحسب التصوّر الإسلامي، يتمثّل في مبدأي الحرّية والعدالة. أما مبدأ الحرية، فمؤداه أن الأفراد الأحرار وغير المكّبلين بالقيود هم فقط القادرون على الدفاع عن كيان المجتمع، وأن هذه الحرية، وما ينبثق عنها من حرّيات أخرى فرعية، هي جزء أساسي ولا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة إلى هيكل النظام العامّ، فضلاً عن كونها تشكل مدخلاً هامّاً لتحقيق رفاهية الجماعة. وأما مبدأ العدالة، فمؤداه أن كل الناس متساوون عند الله.
وإضافة إلى مبدأي الحرية والعدالة، تقوم علاقة الفرد بالدولة في الاسلام على مبدأ التضامن أو الأخوة. فكما أن الفرد مسؤول أو راع في نطاق عمله وأسرته ـ بحسب ما ورد في الحديث الشريف ـ فإن المجتمع بدوره (أي مجموع كل الأفراد الآخرين الذين يتشكل منهم هذا المجتمع) مسؤول عن توفير الظروف المواتية التي تكفل لهذا الفرد التمتع بمجمل الحقوق والحّريات الأساسية التي ينبغي أن يتمتع بها كل فرد يعيش في جماعة منظمة.
وبعبارة أخرى، إن علاقة الفرد بالدولة أساسها المسؤولية الاجتماعية المشتركة التي قوامها، من ناحية، أن المجتمع لا يشكل بأي حال وحدة مستقلة تماماً عن الفرد، ومن ناحية أخرى، أن هذا الفرد هو عنصر مهمّ في المجتمع وقائد فيه في الوقت ذاته.


3.   الإسلام وحقوق غير المسلمين في إطار الدولة الإسلامية

بداية، تجدر الإشارة إلى أننا لا نسعى هنا إلى التعرض تفصيلاً للأحكام الخاصّة بمعاملة غير المسلمين من مواطني الدولة الإسلامية، وإنما نهدف، بالدرجة الأولى، إلى إلقاء الضوء على الملامح العامة المتعلقة بالإطار النظري لهذه المسألة، وذلك انطلاقاً من التصور الإسلامي لحقوق الإنسان.
وأول ما يلاحظ بشأن حقوق الإنسان غير المسلم في إطار الدولة الإسلامية، أن الإسلام قد وضع عدة مباديء حاكمة، يمكن إيجاز أهمها فيما يلي :
-       أولاً : هناك المبدأ الذي يقضي بأن كل الذين يعيشون في كنف الدولة الإسلامية من غير المسلمين يحق لهم التمتع بكل الحقوق والحريات المكفولة للمسلمين وبدون أي تمييز بسبب العرق أو الدين أو الأصل الوطني. ولا يُستثنى من نطاق هذه الحقوق إلا تلك التي تتعلق بالولاية القضائية.
-       ثانياً: هناك المبدأ الذي يكفل لغير المسلمين التمتع بالحق الكامل في المساواة مع مواطنيهم المسلمين أمام القانون. ومعنى ذلك، أن غير المسلمين ممن يعيشون كمواطنين في الدولة الاسلامية ليسوا خارج نطاق الولاية القضائية لهذه الدولة على نحو ما كان يفعل الرومان بالنسبة إلى الغرباء أو من هم ليسوا من أصل روماني.
-       ثالثاً: هناك المبدأ الذي يقضي بأن غير المسلمين الذين يعيشون في كنف هذه الدولة يتمتعون بكامل أهليتهم القانونية كمواطنيهم المسلمين سواء بسواء. والواقع، أن هذا المبدأ هو الذي استرشدت به الدساتير الحديثة في الدول عامة عندما حرصت على النص بوضوح على أن جميع مواطني الدولة متساوون أمام القانون.
وكما تقدم، تعتبر حرية ممارسة الشعائر الدينية، ومسائل الأحوال الشخصية، وحماية الحق في الحياة وفي التملك وفي العمل من أهم الأمثلة على حقوق الإنسان وضماناتها التي كفلها الإسلام لمواطني الدولة التي ترفع لواءه وتعلو فيها كلمته، لا فرق في ذلك بين المسلمين منهم وغير المسلمين.

4- حقوق الإنسان في التصور الإسلامي: دراسة لبعض التطبيقات
من الضروري الإشارة، باديء ذي بدء، إلى أن ما تضمنته الاتفاقات والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان من مباديء وأحكام في ما يتعلق بهذه الحقوق، لا يعتبر تطوراً مستحدثاً، يستوي في ذلك أن يكون حديثنا منصرفاً إلى مجموعة الحقوق المدنية   والسياسية أو إلى مجموعة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الثقافية. فالثابت، أن الفكر الديني – والاسلامي منه خاصة – قد سبق كل هذه المواثيق والاتفاقات الدولية وقدم تصوراً متكاملاً لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
ومع أننا سنعود لتناول ماهية هذه الحقوق وتلك الحريات في القوانين والنظم السياسية الوضعية، إلا أنه من المفيد – ونحن نعرض للتصّور الإسلامي لحقوق الإنسان – أن نُشير إلى أهمّ تطبيقات هذه الحقوق بحسب هذا التصّور.
أ‌)       كفالة حق الإنسان في الحياة
يُعتبر حقّ الإنسان في الحياة من أثمن الحقوق التي شدّد عليها الإسلام. ولعلّ من أبرز مظاهر هذا التشديد ما يلي:
-       تحريم القتل تماماً بدون وجه حقّ، وذلك مصداقاً لقوله تعالى: " ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلاّ بالحقّ".
-       تغليظ العقوبة التي يجب توقيعها على من يرتكب جريمة القتل دون وجه حقّ. فقد جعل الإسلام عقوبة من يرتكب هذه الجريمة هي القصاص منه هو نفسه، وذلك مصداقاً لقوله تعالى:" مَن قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً"، وكذا قوله تعالى: " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس، والعين بالعين، والأنف بالأنف ، والأذن بالأذن، والسنّ بالسنّ، والجروح قصاص . . . ".
-       كذلك، فإن من مظاهر تشديد الإسلام على كفالة حقّ الإنسان في الحياة، أن هذا الحقّ يمتدّ ليشمل الأبناء حتى وإن كانوا لم يولدوا بعد، وذلك مصداقاً لقوله تعالى: " ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق، نحن نرزقهم وإيّاكم . . . "، وقوله، جلّ شأنه:" ولا تقتلوا أولادكم من إملاق، نحن نرزقكم وإيّاهم . . . ".
-       إن تحريم القتل لا ينصرف بحسب المفهوم الإسلامي إلى قتل الغير فحسب، وإنّما ينصرف ايضاً إلى قتل الإنسان نفسه بنفسه، وذلك امتثالاً لقول الله تعالى : " ولا تقتلوا أنفسكم . . . " ولقول الرسول (ص): " من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنّم خالداً مخلّداً فيها أبداً. ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو متردِّ في نار جهنّم خالداً مخلّداً فيها أبداً".
غاية القول، إذاً، أن الإسلام قد أحاط حقّ الإنسان في الحياة بكل الضمانات الواجبة التي تحميه، وباعتبار هذا الحقّ لا يهمّ الفرد نفسه فحسب وإنّما يهمّ أيضاً، وبالقدر نفسه، المجتمع برمّته.
ب‌)   الحق في الأمان والطمأنينة
لم يقف التصور الإسلامي لحقوق الإنسان عند حماية حق كل فرد في الحياة، بل تعدى ذلك إلى التأكيد على وجوب أن تُكفل لهذا الفرد الحياة والعيش في أمن وأمان، وبحيث لا يكون قلقاً على حاضره ومستقبله. ولعلّ الخطبة الجامعة التي ألقاها الرسول (ص)، في حجّة الوداع، تحمل معاني سامية وذات دلالات خاصة فيما يتصل بهذا الحقّ.
فقد شدّد الرسول الكريم (ص)، في هذه الخطبة – مخاطباً المسلمين جميعاً – على:   "أن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا . . . " وكذا قوله(ص)، في موضع آخر:" كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه".
ولكفالة هذا الحقّ في الحياة في أمن وطمأنينة، كان طبيعيّاً أن ينص الإسلام على الضمانات الواجبة والتي بدونها يصير الحقّ المذكور لا قيمة له. ومن أمثلة هذه الضمانات:



-       تحريم السرقة لما فيها من اعتداء على أمن الفرد وطمأنينته، خاصة وإنها من نوع الجرائم التي تتمّ عادة في الخفاء وتحمل في طياتها طابع الخيانة والغدر.
-       تشديد العقوبة على كل من تسول له نفسه إثارة الرعب في قلوب الأفراد، فجعل جزاءهم هو ما اشتملت عليه الآية الكريمة: "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض، ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم".
-       تعظيم حرمات الأفراد وأعراضهم. ومن ذلك مثلاً: تحريم الزنا وتشديد العقوبة عليه وبالذات في حالة المحصن، وذلك لما فيه من مساس  بأمن الناس على اعراضهم. ومن أمثلة تعظيم هذه الحرمات أيضاً، التأكيد على خصوصية الحياة الخاصّة لكل فرد وحرمة مسكنه. وفي هذا الإطار، نهى الإسلام اتباعه عن تتّبع عورات بعضهم بعضاً، كما نهى عن سوء الظنّ وعن التجسّس والغيبة، كما نهى عن دخول بيوت الغير- مما قد ينال من حقهم في الحياة في سكينة وأمن – بدون استئذان، وذلك مصداقاً لقوله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها".

ج) الحق في كفالة حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية
يمثّل الحقّ في حريّة العقيدة وحّرية ممارسة الشعائر الدينية لكل أفراد المجتمع،  والذي تؤكد عليه اليوم المواثيق والاتفاقات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، مبدأ حاكماً في الشريعة الإسلامية، وذلك امتثالاً لقوله تعالى: " لا أكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي . . . "، وكذا قوله، جلّ شأنه: " ولو شاء ربّك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"، وأيضاً قوله، سبحانه: " وما على الرسول إلا البلاغ".
   وإعمالاً لهذه القاعدة، ترك الإسلام الحق كاملاً لكل إنسان في أن يعتنق ما يشاء من العقائد، وأتاح له كل الضمانات التي تكفل التمتّع بحقّ ممارسة العقيدة التي يختارها بإرادته الحرّة. 
    ومؤدى ذلك، أن الإسلام نظر إلى حرّية العقيدة التي هي اليوم تمثل حقاً أصيلاً من حقوق الإنسان وحرّياته الأساسية – باعتبارها مسألة شخصية بالدرجة الأولى . ولا ينال من هذا الحق ما قد يراه البعض من أن الإسلام قد ألزم أتباعه بواجب الدعوة، بمعنى دعوة غير المسلمين لاعتناق الدين الاسلامي وترك معتقداتهم السابقة. فالصحيح، أن مثل هذه الدعوة إنما تتم بالحسنى ودونما ضغط أو إكراه مادي أو معنوي، وبحيث إذا تمسك أصحاب المعتقدات الأخرى بمعتقداتهم وأبوا الدخول في الإسلام فإن ذلك لا يجب أن يكون مدعاة للافتئات على حقوقهم سواء باعتبارهم مواطنين يعيشون في كنف الدولة الاسلامية أو أجانب يقيمون على أرضها بصفة مؤقتة.
  وتأسيساً على ذلك، فقد أصبح لغير المسلمين في الدولة الإسلامية الحقّ في أن يمارسوا شعائرهم الدينية وأن يعلنوا عن معتقداتهم وأن تكون لهم دور العبادة الخاصّة بهم التي توفر لها الدولة الاحترام الواجب. كل ذلك، بالطبع، في الحدود التي لا تتعارض مع مقتضيات حماية المصلحة العامّة للمجتمع.

د) حرّية الرأي والتعبير   
تدخل حرّية الرأي والتعبير هذه أيضاً ضمن نطاق الحقوق والحريات الأساسية للإنسان. وقد كان للإسلام فضل كبير في التأكيد على أهمية هذه الحرية وفي لزوميتها للإنسان باعتباره فرداً يعيش في جماعة منظمة.


وممّا يلفت النظر في هذا الخصوص، أن الشريعة الإسلامية لم تكتف باعتبار حرية الرأي والتعبير حقّاً أصيلاً من حقوق الإنسان، وإنما اعتبرتها أيضاً أحد الواجبات الأساسية التي يتعين على الفردالمسلم الاضطلاع بها. فالمسلم ليس حرّاً في أن يمارس حرّيته في إبداء الراي أو لا يمارسها، وإنما هو ملزم بذلك. فالساكت عن الحقّ – أي عن قول الحقّ – هو في نظر الشريعة شيطان أخرس. والآيات القرآنية الدالة بوضوح على هذا المعنى كثيرة، نذكر منها، مثلاً، قوله تعالى: " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخيـر ويأمـرون بالمعروف وينهون عن المنكر"، وقوله، جلّ شأنه: " الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر"، كما حث الرسول الكريم (ص)، المسلمين على ممارسة حقهم في التعبير وفي إبداء الرأي، ودعاهم إلى عدم التردد في المجاهرة بآرائهم وبألا يكون الواحد منهم إمعة: " يقول: أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت . . ".
على أن الإسلام في حرصه على وجوب ممارسة حرّية الرأي والحقّ في التعبير، شدّد في الوقت ذاته على بيان أن مثل هذه الممارسة لا ينبغي النظر إليها باعتبارها مطلقة من كل قيد أو بدون أية ضوابط. فحيث أن الفرد لا يعيش في جزيرة معزولة وإنما يعيش في جماعة ويتفاعل مع بقية الأفراد الآخرين الأعضاء في هذه الجماعة، فمن المنطقي أن تكون حرية كل واحد منا في إبداء الراي والتعبير عن فكره مقيدة بقيود، منها، مثلاً: وجوب ألا يكون الفرد في ممارسته لهذه الحرية متجاوزاً أو مغتصباً لحقوق الآخرين وحرياتهم.
ومن هذه القيود، كذلك، وجوب ألا تكون ممارسة الحرية المذكورة سلاحاً لهدم بنيان المجتمع وتفويض الأسس التي يقوم عليها أو النيل، عن عمد، من القيم الأخلاقية السائدة والدعوة إلى شيوع الفاحشة بين الناس.






إذاً، فحرّية الرأي وحق التعبير اللذان أكد عليهما الإسلام وحث على وجوب ممارستهما بل أعتبر أن ممارستهما أمراً لازما، إنما هما اللذان يبغيان تحقيق الدرجة المناسبة من التوازن بين مصالح الأفراد – كل على حدة – من جانب، ومصلحة المجتمع في عمومه، من جانب آخر.  
وما يصدق على موقف الإسلام من حرية الرأي والتعبير، يصدق أيضاً وبالقدر نفسه على حرية الفكر والاجتهاد. فقد حث الإسلام أتباعه على أهمية التدبّر والتفكير في كل ما حولهم، بل إنه اعتبرأن التفكير دليل على صحة العقل وأن من يعطّلون ملكةالتفكير التي أودعها الله تعالى فيهم إنما هم كالأنعام بل أضلّ. وعلى ذلك، فإن التفكير – في المنهج القرآني – إنما هو سابق على العمل.
ومما يدل على أهمية حرية الفكر ومبدأ الاجتهاد بالرأي في التصور الإسلامي، حقيقة أن الإسلام قد جاءت بعض أحكامه عامّة تاركة التفاصيل لتطوّر الموقف والأحوال. وإزاء سكوت النصوص الشرعية – القرآن الكريم والسنة المطهرة – عن معالجة الجزئيات المتعلقة ببعض أمور المعاملات، كان من الطبيعي أن يقوم فقهاء المسلمين بمحاولة استنباط الأحكام ذات الصلة بهذه الجزئيات مستلهمين في ذلك ما ورد في هذين المصدرين الرئيسيين من أحكام ومباديء عامة.


 - عن كتاب: حقوق الإنسان في العالم المعاصر