الاثنين، 3 يونيو 2013

سعاد الصباح.. تباشير المطر




تقرأ سعاد الصباح ذاتها، قائلة: (( أنا إنسانة، بداياتي الشعرية كانت خربشات على كتاب الهندسة . وأطلقوا عليّ شاعرة المدرسة ، وكنت خجولة ورومانسية ، ووالدي شجعني أن أكون عازفةً على البيانو ، وقارئة ، وناظمة للشعر . وأسسني لجيل المستقبل . وتزوجت في الستينات ، وانتميت إلى عالم الشعر . وأخذت مفرداتي الشعرية من بيئة البصرة وجغرافيتها .
تأثرت بالمتنبي الذي صقل مواهبي ، وبمدرسة أبولو ، وبالمدرسة المهجرية ، وبمدرسة نزار قباني ، وإنني فخورة بالانتماء إليها ، وأضعها وساماً على صدري . 
لي ديوان ، في الفرح والحب والتفاؤل . وآخر في الحزن والفجيعة والمرارة على أثر وفاة ولدي . وعلاقتي بالرجل ، علاقة صداقة سواء كان أبي أم زوجي أم أخي . والمرأة لازالت تعيش في زنزانة الماضي ، والمجتمع صنع قفـلاً لفمهـا ولفكرهـا ، والظروف التـاريخية ظلمت المرأة ، والرجل ظلمها، والمجتمع قهرها .
وتبقى المرأة هي القضية ، لأن المـرأة هي الوطن ، والوطـن هــو المرأة ، وإذا لم تتحرر المرأة لا يتحرر الوطن )) .
ساهمت أدبيات سعاد الصباح، وليلى العثمان في زراعة بذور النهضة للمرأة 
الخليجية ، وتحررها ذهنياً من شعورها بالدونية والتسفيل .
ومثلت سعاد الصباح تيار الحداثة في الصور والمضامين ، والناتج عن جدل اللغة بالواقع والحياة اليومية . والحداثة عند سعاد الصباح ، تمثل نهراً متدفقاً في البناء الشعري والموقف .
قدمت مشروعاً عربياً نهضوياً يتضمن تحرير الإنسان العربي من الغبار الصحراوي الذي لحق به، والوحل المديني الذي التصق به .
وتعمل بكل الوســائل والإمكانيات المتاحة لها إلى تأسيس إنسان حرّ في وطن حرّ.
ونصّها ليس نصّاً مغلقاً ، بل هو نص مفتوح وغير مقيد باشتراطات الصحراء والقبيلة . 
في نصوصها ، نجد صدقاً في التعبير عن مشاعرها وأحاسيسها ، وجرأة في الانحياز إلى الحقيقة ، ودفئاً في مفرداتها ، وشفافية إنسانوية في رؤيتها وانفعالاتها ، واقتحاماً وخرقاً للسائد/ المألوف .
تكلمت الشاعرة بصوت الرجل . واســتخدمت مفردة الضمير الأنثوي المتكلم " إنني بنت الكويت . أنا الخليجية ... أنا الحضارة " .
لأنه الأكثر درامية من غيره ، والأكثر وقعاً وتأثيراً في السـيكولوجية الإنسانية ، والأكثر صراحة وصدقاً .
استخدمت الضمير الحاضر والغائب لتعرية الواقع الشرقي ، وتحرير إنسانة من غباره الصحراوي، والموروث والذاكرة السلبيين .
وعملت سعاد الصباح بكل طاقاتها الأسلبية والحياتية لتحرير المرأة الشرقية من عقدة الدونية والتسفيل ، وإلى تصالح المرأة مع جسدها .
رفضت الشاعرة قوانين الأنثى . لأنّ الذكور صاغوا القوانين لصالحهم .
كما استهجنت المنظومة القيمية الشهريارية . واعتمدت منظومة قيمية وتربوية راقية لصالح إبداع الجنسين معاً ، قائلة : 
(( كان بوسعي أن، أرقص فوق الموج ككل الحوريات
وان أتأقلم مثل جميع المسجونات
لكني خنت قوانين الأنثى
واخترت مواجهة الكلمات)) .
فضلت الشـــاعرة الواجب العام على الواجب الخاص . اختـارت المشاكسة ، مشاكسة جنون مرض العظمة لدى الذكورة . وقفت إلى جانب المهمشين والمغيبين والمتعبين من الجنسين معاً . استخدمت مفردات جديدة ومضادة لقانون القبيلة وقاموسها ." الإنسان الحبيب ، الحب المتبادل ، والعشق والصداقة ".
لذا أصبحت الشاعرة في نصوصها ويومياتها معادلاً طبيعياً للرجل في إظهار مشاعرها ، ونقل أحاسيسها مباشرة في الضوء لا في العتمة .
(( أنا البدوية
التي جاءت إليك من بحار الصين
فعلَّمني )) .
لأنّ الشاعرة لا تكترث بتاباوات القبيلة وأحكامها التعسفية . وهي توزع مشاعرها وعواطفها في فضاء واسع لا في مكان ضيق ومغلق .
(( مشاعري نحوك ، بحر ما له سواحل
وموقفي في الحبّ، لا تقبله القبائل
فاعتبروني امرأة
خارجة عن سنة الأوائل )) .
عملت الشاعرة بما تمتلكه من طاقات حيوية ، لتكوين ذات حرة ، في كرة أرضية صارت وطناً لها .
(( حين أكون بحالة عشق
أشعر أنني أمشي فوق الغيم
أسرق ضوء الشمس 
وأصطاد الأقمار
حين أكون بحالة عشق
أشعر أن العالم أضحى وطني
وبإمكاني .. أن انتقل دون جواز
كالكلمات .. وكالأفكار )) .
سعاد في الوقت نفسه ، هي أم حقيقية (( حينما تكون على خريطة هذا العالم تذكر أمومتي )) .
كما تنتقد الشـــاعرة المسـتحوزين والمستعملين والمستملكين لأراضي الآخرين ، والمستبيحين لمتخيلاتهم ، أكانوا مستعمرين للشعوب أو للنساء.
وتطلب من الزوج الشـرقي أن يمنحها الحكم الذاتي . ولكن استقلال الأفراد لا يعطى منحة ، بل يؤخذ عنوة من الأزواج الذكور .
تكلمت الشاعرة بصوت المرأة في غالبية نصوصها .
أزالت الحواجز النفسية بين المرأة وجسدها ، وبين المرأة والرجل ، في مجتمع شرقي راكد يعتبر مفردة الحب " فضيحة وجريمة موصوفة " .
والمرأة التي قرأت قصائد الشاعرة ، وجدت ذاتها في القصيدة ، وكأنّها هي الشاعرة والمحبة العاشقة أو المعشوقة .
لأن الشاعرة قامت بالتوليف بين دفء نصها وتفاؤل يومياتها .
في مجموعة " امرأة بلا ســواحل 1994 " نجد عشـــر قصائد اقتحامية ، معبرة عن اللغة وصور الحياة اليومية .
لذا استطاعت الشاعرة تحرير نصوصها من قيود اللغتين ، الكلاسيكية والشعبوية المحكية .
وأخذت من اللغتين مفردات المنطق والحكمة والجرأة والدفء . وقامت بالتعشيق بين اللغتين ، لتكوين لغة ثالثة . أحبها الشعبويون والنخبويون، مما جعل نصها يمتد أفقيـاً طامحـاً إلى تجاوز الركود الحياتي ، والذهنية المجردة ، وصولاً إلى واقع حلمي متحرك ومتحول عبر نص جريء واقتحامي وفضائحي وإنسانوي ، والذي وظف اللغة القاموسية الرسمية والمحكية الشعبية لخدمة الإنسان والحياة معاً .
في مجموعتها " امرأة بلا سـواحل " نجد حباً رومانسـياً بين اثنين متحررين ، لا يعترفان بالجغرافية السـياسية التي تفصل بين عاشقين محبين. ولا يميلان إلى التفرقة العنصرية .
وهو حب مفتوح في النصوص الشعرية ، والهواء الطلق .
تقول الشاعرة في مجموعتها " امرأة بلا سواحل " :
(( الحب الكبير لم يكن في يوم من الأيـام مناقضاً للقيم العليا والأخلاق العامة. إنه حق مشروع لا يختلف عن حق الأمواج في التكسّر وحق الرعود في التفجّر
وحق العصافير في الغناء والزقزقة
فلماذا لا يسمح لي أن أكون موجة أو رعداً أو عصفورة 
تغني على نافذة حبيبها ، دون أن تقتلها بواريد الصيادين ؟ )) . 
وفي نفس المجموعة نجد حباً بركانياً يخترق الأعراف والمحظورات والمألوف . 
(( حب يثور على الطقوس المسرحية ، على الجذور ، على النظام، حب يحاول أن يغير كل شيء، في قواميس الغرام )) .
وفي زمن يستبدل فيه التواصل البشـري بالتواصل الوهمي . ويغيّب ويهمّش الأنا الفردي والجمعي . ويسـتملك الخـارج إرادة الداخـل . ويخترق الداخـل حقوق مواطنيه .
(( في زمن التلوث الروحي والفكري والقومي 
هل يمكن أن نظلّ أصدقاء؟
وكيف نسترجع أيام الهوى ، ونحن مدفونات ، تحت الوحل والركام )) .
الشاعرة ترى في الشاعر، القوة القادرة على نقل مجتمعه من القهقرى إلى التقدم، وإذا لم يكن كذلك ، فلا ضرورة تاريخية لوجوده .
(( هو مخلّص الشعوب من موروثها وتخلفها
وإذا لم يكن مخلصاً، فلا ضرورة لوجود الشاعر وشعره )) .
تطمح الشاعرة إلى تحقيق عالم من القيم والمثل العليا ، وهي نبيلة في وســائلها وأهدافهـا ، ورافضة لمقولة الوعــود والوعيـد . وفي مجموعة " فتافيت امرأة " 1992 ومجموعة " في البدء كانت الأنثى " 1994 نقرأ نصوصاً شـعرية أنثوية راقية ، تعلن النشرة الجوية لدرجات الحبّ في الساحات العامة . وهي أول نصوص شعرية عربية أنثوية جريئة تقتحم المألوف والمحظور.
نصوصها ليست توصيفية لهموم المرأة وأحزانها ، بل هي نصوص مجابهة لاســتعمار الرجل الشرقي الذي حوّل نصف الوطن إلى معتقل ، والنصف الآخر إلى مغيّب ومهمّش.
الشاعرة الخليجية تدعو إلى التغيير والتجديد المستمرين في النصوص واليوميات . وتعتمد التضامن الإيجابي لا السلبي.
(( أنا الخليجية ، الهاربة من كتاب ألف ليلة وليلة
ووصايا القبيلة 
أنا النخلة العربية الأصول
والمرأة الرافضة ، أنصاف الحلول
فبارك ثورتي )) .
لأن المجتمع الشرقي في غالبيته يحترم المرأة الصامتة لا الناطقة .
ويعتبر المرأة الكاتبة ، منفلشة ، والمرأة المتحررة ، شريرة وحمقاء ، والمرأة الخيرة ، امرأة القبول والطاعة المطلقة .
وأفضل النساء في أدبياته الشفاهية، الفرّاخة والخادمة
وتقول الشاعرة بلسان الذكر الشرقي :
(( إن الكتابة إثم عظمي
فلا تكتبي
وخير النساء هي المرأة الراضية
وإن التحرر رأس الخطايا
وأحلى النساء هي المرأة الجارية )) .
الشـاعرة تضامنت مع المجتمع المتحول لا مع المجتمع الثابت الركودي الذي سينقرض . ويبقى الإنسان الفاعل والمتحرر.
(( أعرف.... أن الخفافيش تمضي
وأعرف أنهم زائلون
وإنّي أنا الباقية )) .
لم تكن قصيدة الشاعرة أنثوية صرفة أو مستجدية ومكبوتة ومحافظة ، بل كانت قصيدة مجابهة ، وطامحة إلى نقل الجنسين من التهميش إلى التفعيل. وكانت تحب الآخر لذاته ، لتطرد الحزن والضجر من مملكتها .
(( كن صديقي
أنا لا أطلب أن تبتاع لي يختاً
وتهديني قصوراً
هذه الأشياء لا تسعدني
هوايتي صغيرة
هو أن أمشي ساعات
وساعات معك
تحت موسيقا المطر
وطموحي هو أن أسمع في الهاتف
صوتك 
عندما يسكنني الحزن
ويبكيني الضجر )) .
المجتمع الشرقي يفرض الإقامة الجبرية على المرأة ، لأنه في الرصيف الآخر المعادي للتحرر وللحب وللصداقة .
وتبقى الشاعرة جريئة في اقتحاماتها الشعرية لمملكة الحب والصداقة .
(( اسميك
رغم احتجاج قريش
حبيبي 
اسميك حنى أغيظ النساء
حبيبي 
وأعرف أن القبيلة تطلب رأسي
وإن النساء
سيرقصن تحت صلبي )) .
في مجموعتها " في البدء كانت الأنثى " نجد إنساناً شرقياً يعامل المرأة سلعة وجارية ، ومتعة جنسية ، وقطعة أســـاس وديكور مميزين في قصوره الشرقية ، في حين تسعى الشاعرة بكل طاقاتها الأسلبية والحياتية لإجراء مقاربة بين أبجدية النص وأبجدية الحياة ، لأن المرأة جسد ودماء ومشاعر وطموح وحوارات .
(( فلماذا أيها الشرقي تهتم بشكلي ؟
ولا تبصر عقلي
إنني أحتاج كالأرض إلى ماء الحوار
فلماذا لا ترى في معصمي إلا السوار
ولماذا فيك شيء من بقايا شهريار ؟ )) .
ثورة الشـاعرة على الواقـع العربي الرســمي منه والأهلي في نصوصها " فتافيت امرأة " ليست توصيفية لواقع المرأة التراجيدي، بل حالة رفضية للمنظومة الأخلاقية لقيم المجتمع النفطي الاستهلاكي ، وللواقع العربي بكانتوناته الهزيلة في ظل نظام رسمي وأهلي ، مواكبة لنبض العالم المعاصر في التجديد والتحديث في جغرافية لازال فيها الأديب يصرخ شــعراً أو نثراً نيابة عن المرأة ، حيث لم يكن يسمح للمرأة أن تصرخ بصوتها الطبيعي .
وقامت الشاعرة بتعرية إمبراطورية الرجل الشرقي .
وعملت على تحرير المرأة من استعمار الرجل .
وكانت أصلب موقفاً من ســابقاتها من الشــــاعرات الخليجيات اللواتي صرخن شعراً ونثراً بأصواتهن .
الشـاعرة مع الشاعر نزار قباني شكلا مدرسة استقلالية للحداثة وللتجديد في البناء المعماري والدلالي للقصيدة السهلة / الصعبة .
لذا تطمح الشاعرة في نصوصها ويومياتها إلى صناعة امرأة تقترب من السيطرة على جسدها ، وحريتها في استعماله ، والعمل بجدية للمقاربة بين الجنسين باعتماد المساءلة وصولاً إلى إقامة الجمهورية النسائية التي تحترم القانون . وتعتمد أخلاقية العمل ، وكفاءة الأنوات ، وأنسنة الإنسان ، وتقديس حقوق المواطنة والمساءلة . وتعمل على تحرير الوطن ونصف المجتمع من الاعتقال التعسفي ، والشعور بالدونية والتسفيل .
وجعلت الشاعرة ، الشعر مشاعاً بين الجنسين .
وهي تعمل على تأنيس البشر والقيم، والرجل يحافظ على ذكوريته المستبدة.
(( أنا الحضارة 
والرجال طغاة التاريخ )) .
الشعر لدى الشاعرة حالة تجاوز وارتقاء وتفعيل للإنسان وللحياة . وهو ليس
(( حفلة كوكتيل
بل هو تواصل إنساني بين الشاعر وجمهوره
والشعر شعاع وجدان، ورصد معاناة
ونشاط فكرٍ لإنتاج الجمال
حالة حلم
وكهربة لحظة )) 
مفاتيح الشاعرة "الجنون والحب والصراحة والثورة . 
وهي صرخة احتجاج عالية المسـتوى . وتلتقي مع صرخــات غادة السمان ، ونوال السعداوي ، وأحلام مستغانمي ، وكوليت خوري ، وسيمون دي بوفوار.
(( إنني مجنونة جداً
وأنتم عقلاء
وأنا هاربة من جنة العقل
وأنتم حكماء، أشهر الصيف لكم
فاتركوا لي انقلابات الشتاء )) .
وتمثّل الشاعرة الوجه الإيجابي للحياة الحرّة الكريمة .
ويبقى القهر العام هو الوجه الآخر السلبي للحياة .
في قصيدة " عزف منفرد على ربابة كويتية " .
تتراءى لنا فتاة كويتية ملتحفة بالسواد ، ومحاطة بقبائل تئد النساء . وهي امرأة مكسورة الخواطر، ومقهورة العواطف والمشاعر. وترفضها السلطة الرسمية والأهلية . وهي امرأة تسكنها الخرافات . وتتبعها السكاكين . ترعبها الكوابيس . يرافقها الخجل والخوف والضجر في جغرافية تخشى القصيدة وثقافة المرأة . وتمنعها من حق الانتخاب وحق التصرف بكلمتها وجسدها.
الشاعرة رأت في ناصرها العظيم المخلّص ، وفي غيره المخرّب والمدمّر.
(( كان هو الأجمل في تاريخنا 
كان هو المهدي في حياتنا
والنخلة الأطول في صحرائنا
كان هو الحلم الذي يورق في أهدابنا
كان بنا يطير فوق جغرافية المكان
مستهزئاً من هذه الحواجز المصطنعة
من هذه الممالك المخترعة
من هذه الملابس الضيقة
المضحكة المرقّعة
من هذه البيارق الباهتة الألوان
كان هو القوة في أعماقنا
واللهب الأزرق في أحداقنا
والريح والإعصار والطوفان
كان هو النجمة في أسفارنا
والجملة الخضراء في تراثنا
كان هو المسيح في اعتقادنا
فهو الذي عمّدنا
وهو الذي وحّدنا
وهو الذي علمنا أن الشعوب تسْجن السجان
وأنها حين تجوع تأكل القضبان
يا ناصر العظيم لا تسأل عن الأعراب
فإنهم قد أتقنوا صناعة السباب
وواصلوا الحوار بالظفر والأنياب
وحاصروا شعوبهم بالنار والحراب
يا ناصر العظيم، سامحني
فما لدي ما أقوله
في زمن الخراب )) .
وقصيدة " إن جسمي نخلة تشرب من شط العرب "
(( إنني بنت هذا الشاطئ النائم فوق الرمل
كالظبي الجميل
في عيوني… تتلاقى
أنجم الليل... وأشجار النخيل
من هنا، أبحر أجدادي جميعاً
ثم عادوا، يحملون المستحيل
غرفتي الشمس
وجدودي اخترعوا الأمواج... والبحر
وموسيقا الرياح
صادقوا الموت
فلا الخيل استراحت
ولا السيف استراح
إن جسمي نخلة تشرب من شط العرب
وعلى صفحة نفسي ارتسمت
كل أخطاء وأحزان
وآمالْ العربْ
سوف أبقى دائماً
انتظر المهدي يأتينا
وفي عينيه، عصفور يغني
وقمر
وتباشير مطر
سوف أبقى دائماَ
أبحث عن صفصافة .... عن نجمة
عن جنّة .. خلف السراب
سوف أبقى دائماً
انتظر الورد الذي
يطلع من تحت اليباب )) .
القصيدة ولّفت بين العام والخاص ، والذات والقضّية . وأعادت بالذاكرة إلى تألق أمة العرب في ماضيها وهشاشتها في حاضرها ، وإمكانية استعادة عافيتها في المنظور القريب .
وحملت الشاعرة في عينيها وذاكرتها ، الحلم العربي " في عيوني تتلاقى أنجم الليل وأشجار النخيل" .
وانتظرت مهدياً
MESSIAH " في عينيه عصفور يغني ، وقمر
وتباشير مطر " . يخلّص المجتمع من النظام العربي الشمولي ، الرسمي منه والأهلي، وينقله من القهقرى إلى التقدم، ومن السوداوية إلى التفاؤلية.
ويطبع النظام العربي الرســمي والأهلي قبلة عابـــرة على وجه الشاعرة ، ممتزجة بالحزن والفرح معاً ، مما جعلها غزيرة في منتوجها الأدبي والشعري ، ومدافعة عن حقوق المواطنة . 
ومشــجعة للمبدعين من جيــل الشـباب ، وحاملـة في عينيها الجذابتين ، وفكرها المبدع ، وذاكرتها المتوقدة ، ماضيها الزاهر، وحاضرها القاحل ، ومستقبلها الواعد لصناعة تاريخ قادم ، رائع .
سعاد الصباح الأم والجدة ، الرسّامة وشاعرة قصيدة النثر والتفعيلة والعمود تقرأ ذاتها والآخرين عام 2005 قائلة : ولدت وفي أعماقي مهرة لا تعرف الحذر أو الخوف أو السكينة . كنت أحس بأني مسكونة بالعاصفة ، وأن الزمان هو زماني . كنت أحس بثقة كبيرة بنفسي . فما أقرره أعلنه وما أعلنه أفعله .
كان عبد الله المبارك ناصري الأول وسندي, فازددت به قوة , وغنمت بفروسيته رهان القتال . إنني حزينة لأن المرأة هي المتراجع الأول . وهي الجسر الذي يبنى عليه خصومها مسارهم .
المرأة العربية ليست مدعوة للثورة على غيرها ، بل على نفسها أولاً لتخرج من قارورة العطر التي حبسـت نفسها فيها . كنت أدعو المرأة للثورة على العقلية الذكورية . وأنا اليوم ادعوها إلى الثورة على ذاتها ، لأنه مالم تحقق انتصارها على هذه الذات ، فكل انتصار آخر يبدو باهتاً .
أما المثقف العربي في علاقته بالسلطة في بلده فيعاني تضييقاً كاملاً على كلمته وعلى حريته وعلى رزقه ، وليس هذا حالنا في الكويت .
لم أحسب يوماً حساب الرقيب الخارجي . أما الرقيب الذاتي فلا أحسب أنه كان شديد التحذير والقسوة .
أكاد أجزم بأنني اعرف على هذه الأرض أكثر من نصف مساحتها ، وغالبية شعوبها . يبقى لي أن أقول أن الكويت هي أجمل المدن في عيني لأن فيها أسرتي وصوتي وصداقات العمر الطويل ، وذكريات من كان ضوء ليلي الطويل . الأحلام المستحيلة لم تأخذ في خيالي حيزاً . لقد حلمت ، فعملت من أجل سعادة الآخرين . وكنت وما أزال أرى سعادتي عبر ضحكة على وجه امرأة ، أو بسمة في عيني طفل . وعندما اعترف أنني قد أضفت قطرة ندى على ابتسامة انسان أكون قد حققت ذاتي وامتلأت بنعمة الله علي " .
فتـاة غسـّان


http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=113415

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق