الخميس، 24 مارس 2016

سعاد الصباح: يا أصدقاء الياسمين (كلمة ألقاها علي المسعودي بالنيابة عن د. سعاد في البحرين حيث تم تكريمها في يوم الشعر مارس 2016)



أيُّها الأصدقاءُ
مَرحباً بالشِّعرِ في أرضِ العَرَبِ..
فالشِّعرُ هو أعظمُ اكتشافاتِ الإنسانِ لتحريرِ الإنسانِ والدّفاعِ عنْهُ، والشِّعرُ هوَ مرآةُ الزِّمنِ الذّي نعيشُهُ، والشَّاعرُ هوَ ضميرُ أمّتِهِ، والحياةُ العربيّةُ بكلِّ أبعادِها السياسيةِ والقوميةِ والعاطفيةِ والاجتماعيةِ مسجَّلَةٌ على شريطِ الشِّعرِ العربيِّ.
فالشِّعرُ هوَ خِزانةُ الإنسانِ العربيِّ التّي أودعَ فيها كلَّ مشاعرِهِ وذكرياتِهِ وطموحاتِهِ وآمالِهِ، حتّى قِيلَ عنهُ قديماً إنَّ الشِّعرَ هو "ديوانُ العَرَبِ".

يا أصدقاءَ الشِّعرِ
شكراً لكلِّ مَنْ فكّرَ وخطّطَ وعمِلَ على تكريمِ الأستاذِ نزار قباني الشاعرِ العربيِّ الذي مدَّ جَناحَي شعرِهِ على خارطةِ الأدبِ العربيِّ منذُ الأربعينياتِ؛ بحيثُ لم ينجُ أحدٌ من أبناءِ جيلِنا وجيلِ مَنْ قبلَنَا وجيلِ مَنْ بعدَنَا مِنْ بصماتِهِ..
شاعرٌ بنَى عِمَاراتِ شعرِهِ على امتدادِ الوَطَنِ..
شاعرٌ هوَ جامعةٌ شِعريّةٌ..
شاعرٌ سجَّلَ حياتَنَا العاطفيّةَ والسياسيّةَ كما لمْ يُسجّلْها شاعرٌ مِن قَبْلُ.
نزار مطرٌ شعريٌّ سقَطَ على نوافِذِ مراهقتِنا، وتأثّرَتْ أجيالٌ بقاموسِهِ الشعريِّ.
فالخالدونَ مِنَ الشُّعراءِ يتجاوزونَ عصرَهم إلى العصورِ الأُخرى، ويكونُ تراثُهم مُلْكاً للإنسانيةِ جمعاءَ، والشاعرُ نزار قباني واحدٌ منهُم.

أحبّائي.. يا أهل البحرينِ
منذُ طفولتي وأنا أحلُمُ بلقاءِ حوريّةٍ جميلةٍ ومثقّفَةٍ، حتّى التقيتُ البحرينَ..
الحورياتُ كما قرأْتُ في الأساطيرِ، يُتْقِنَّ لُعبةَ الضوءِ والماءِ.. ويُفتِّشْنَ في داخلِ الأصْدَافِ عَنْ زهرةِ الحُبِّ.. ولكنْ يَنْدُرُ أنْ تَرى واحدةً منهُنَّ تخرُجُ مِنَ البحرِ وفي يدِها كِتابٌ.
الحُوريّةُ الوحيدةُ التي فاجأَتْنِي وفِي يدِها رُزمَةُ أوراقٍ زرقاءَ.. ومجموعةٌ مِنْ دواوينِ الشِّعرِ.. هيَ البحرينُ، فهيَ أوَّلُ حُوريةٍ تهتمُّ بتكوينِها الفكرِيِّ. والوطنُ العربيُّ، الغارقُ في جهلِهِ وجاهليّتِهِ، بحاجةٍ إلى هذا النوعِ مِنَ الحُوريّاتِ المثقّفاتِ ليتحقّقَ التوازنُ في المجتمعِ العربيِّ.
بالثقافةِ وحدَها، يمكنُ للمرأةِ أنْ تخرُجَ من المُعتقَلِ، وبالثقافةِ وحدَها يمكِنُ أنْ نستردَّ مفاتيحَ الكَلامِ.
إنَّ الوطنَ العربيَّ مُحاصرٌ بمليونِ مُشكلةٍ ومُشكلةٍ، ولكنَّ الموضوعَ الأساسيَّ الذي يَطغى على أخبارِ المَجاعاتِ وأخطارِ الحرْبِ النوويّةِ الثالثةِ.. هو المرأةُ.
يُريدونَها بلا عَقْلٍ وبِلا ذكاءٍ.. لأنَّ عقلَ المرأةِ ضدَّ الأمنِ الاقتصاديِّ وضدَّ الأمنِ السياسيِّ وضدَّ الأمنِ الاجتماعيِّ وضدَّ الأمنِ الثقافيِّ.


يا أصدقاءَ الشِّعرِ والفِكْرِ
إذا ناقشْنَا المسألةَ لُغوياً.. وجدْنَا جميعَ مُفرداتِ الحُكْمِ مُؤنَّثَةً.. فالسلطةُ.. أُنثى.. والحكومةُ أُنثى.. والإدارةُ أُنثى.. والديمقراطيةُ أُنثى.. في حينِ نَرَى أنَّ جميعَ صفاتِ القمْعِ، والاستبدادِ، والتسلُّطِ، والإرهابِ والشَّنقِ والذّبحِ والقتلِ والسَّحْلِ.. هيَ صفاتٌ مذكَّرةٌ.
لمْ يعُدْ يليقُ بنا أنْ نحاكِمَ كلَّ يومٍ أُمهاتِنا، وشقيقاتِنا وبناتَنَا وزوجاتِنا بتهمةِ القُصورِ العقليِّ.
وإذا كانتْ شقيقاتُنا مُعاقاتٍ وقاصراتِ التفكيرِ فلأنَّنا حَرمْنَاهُنَّ مِنَ استعمالِ أعينِهنَّ وألسنتِهنَّ ليُعبّرْنَ عن ذواتِهِنَّ.
هذا هُو واقعُ المِنطقةِ العربيّةِ، والخليجُ جزءٌ مِنها، وهوَ واقعٌ يمشِي على قَدَمٍ واحدةٍ.
عَبَثاً نتكلَّمُ عَنْ أيّةِ ثورةٍ علميّةٍ أو ثقافيّةٍ أو حضاريّةٍ إذا بقيَتِ المرأةُ في المَنْفَى.
فالمرأةُ العربيّةُ مغلوبَةٌ على أمرِها، والأوطانُ العربيّةُ مغلوبَةٌ على أمرِها، فالتَّشَابُهُ بينَ مُعاناةِ المرأةِ ومُعاناةِ الأوطانِ جعلَنِي دائماً أضَعُ القضيَّتينِ في ملفٍّ واحدٍ.
أشكُرُ معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة
كما أشكر د. عبدالله حمد محارب

يا أصدقاءَ الياسمينِ
كلَّ ربيعِ شِعرٍ وأنتُمُ القصائدُ..
وكلَّ ربيعٍ والبحرين مَنارةٌ للإشعاعِ..



القيت في حفل يوم الشعر العالمي الذي اقامته السكو في البحرين م المحرق وتم فيه تكريم د. سعاد الصباح 21 مارس 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق