الأربعاء، 25 أبريل 2012

ديوان: خذني إلى حدود الشمس





















سعاد الصباح


خذني إلى حدود الشمس



شعر




دار سعاد الصباح
 للنشر و التوزيع



الطبعة الأولى تشرين الثاني 1997




























هذي بلادٌ لا تريد امرأةً
تمشي أمام القافلة ...



" سعاد "
















































كلُّ عملٍ مجيد و عظيم أساسه المرأة .
" لامارتين "





أعظمُ مخلوقٍ هي المرأة إذا عرفت قدر نفسها .
" جلادستون "













































الرجلُ نثرُ الخالق , و المرأة شعره .
" نابليون "








ابحث عن قلب أيِّ امرأة تجدْ أمَّا.
" ميشليه "












التخرّج




أيُّها السيّدُ المخبوءُ في ساعة معصمي ...
أيُّها المتحالفُ مع الوقتِ ضدّي ...
و المتحَالفُ مع أساوِري ضدّي ...
و معَ أهدابي .. و أثوابي ..
و طلاءِ أظافري ضدّي ...
أيُّها المتآمر مع كتبي ... و أوراقي ...
و رائحة القهوة ضدّي . . .
ليتَكَ تأخُذُ إجازتك

فالوَقتُ معَك لا يُحْـتمل
و الوقتُ بِدونك لا يُحتمَل
و الزّمن لا يأخذ شكله النهائي ...
إلا عندما يمرّ من بين أصابعك ...



***




و أنا . . . . لا  أكتَملْ
إلا عندما أتخرّج من بين أصابعِك . .






























حرائق على الثلج . . .


1

يا الذي لا يشبِه رجلاً
و لا يشبِهُهُ رجلْ
مرآتي أنـْـت . . .
فما أجمل وَجهي .



2


الثلجُ في " مِجيفْ "
أسودُ ... أسوَدْ
و المتزحلقونَ على الجليد
يتزحلقون على أسلاكِ أعصابي .
" مِجيفُ " ترفضُ أن تستقبلَني
و ترفِض أن تكلّمني . . .
و ترفض أن تعترِف بِشرعيّـتي
إلا و أنا متعلّقة بذراعك اليسرى . . .
فهـَل يمكن أن تَرُدَّ إليَّ اعتباري ؟
في هذه القرية الفرنسيّة الجميلة
التي اختارتكَ رئيساً لبلديتها ؟ . . .



3

أيُّها الرجلُ
الذي أخذَ خرائطَ الثلج في جيبِه
و تركني أتزلج على ثلج أحزاني .
أيهّا الرجلُ الذي شربّ كلَّ قهوةِ فرنسا
و تركني أشربُ دموعي .
إنني هنا عاطلةٌ عن الفَرَحْ . .
و عاطلةٌ عن الحبّ . .
و عاطلةٌ عن أنوثتي .











4


شَوارعُ " مِجيفْ " مضرّجةٌ برائحةِ صوتِكْ
و كراسي المقاهي . . محجوزةٌ على اسمكْ . .
و جُبْن منطقة " السافوا " . . لا طعمَ لهُ بعدَك . .
و آثارُ أقدامِكَ على الثلج . .
محفورةٌ على جدرانِ الذاكرة . .
فأعِدْ إليَّ يا سيّدي . .
خرَائط المدينـه . . .








5



السّاعة ُ تَدقُّ
و أجراس أحزاني تدُق معها
و رياح الألب تنزعُ قبعةَ الصوف عَن رَأسي . . .
و الثلج يحرقني بنارِهْ . .
و أنت تمرُّ في شراييني .
شرياناً ... شرياناً
شبْراً ... شبْراً
زاويةً . . زاويـه
موقِعاً . . . موقعاً
الساعة تدُق
و أنا مدجّجة بالعشقِ حتى أسناني .
فيها أيّها المختبىء في أهدابِ غمامهْ
فلتهمرْ روعةَ أمطاركْ .
فأيّامي تتشقَّقُ عَطَشاً . .





6

أيّها الفارسُ الذي يلفُّني بعبارَةِ رُجولته .
من شمالي , حتى جَنوبي ..
من شفتي , حتى خاصرتِي . .
يا مَن يكتبُ قصائد العشْقِ على تضاريس أيّامي
قلبِي فاكهةٌ تنتظر القِطاف
و مساماتي مفتوحةٌ لمراكبكَ القادِمةِ مع الريح
فيا أيّها البحّارُ الذي شقّقَ ملحُ البحرِ شَفتيهْ .
أنا مملكةٌ من النساءْ
فازرَعْ مِرساتكَ على سواحِل وجداني . .
و امنَحني بَركاتِ أبوَّتِكْ
فلا بيتَ إلاّ أنتْ
و لا قبيلةَ إلاّ أنتْ
و لا وطنَ أنتسِبُ إليْه . .
إلاّ أنتْ .






7
في الرّابعة
يرتفِعُ بحرُ ولهي , حتى يهدمَ كلَّ سُدودي
و يقتلعَ كلَّ أشجاري . .
و يلغي خطوطَ لغتي . .
و خطوطَ ذاكرتي .
في الرابعة
أشتعلُ فوق ثلج " مِجيفْ "
كَشجرةِ عيدِ ميلادْ
و أصرَخُ حتى ينغرسَ صوتي بصوتِكْ
و تنغرسَ جذوري في ترابِكْ . .
و أصبحَ جزءاً من دورتكَ الدمويَّة . .
























8
أيّها الفارسُ الذي أنتظرُهُ . .
منذ بدايةِ الأشياء
إنَّ أشجارَ حناني . .
و أزهارُ قلبي مُسْتَنفَرَه . .
و طيوري . . و أسماكي
و أبراجُ فكري . . مُسْتَنفِره . . .
فترجَّل عن حِصانِك , يا سيِّدي
و قاسمْني
لحظاتِ الشعر . . و لحظاتِ الجنون . . .









9

ماذا أفعَلُ بِـتراثِكَ العاطفيِّ المزروعِ في دمِي
كشجرةِ ياسمِين ؟
ماذا أفعَلُ بصوتِكَ الذي يَنقُرُ كالدّيكِ
وجهَ شراشفي ؟
ماذا أفعلُ بِبَصماتِ ذوْقك على أثاثِ غرفتِي ؟
باللوحاتِ التّي انتقينَاها معاً
و الكُتُبِ التّي قرأناها معاً
و التذكاراتِ السياحيّةِ التي لملمناها من مُدنِ العالم
و بالأصدافِ التي جمعناها من شواطئ البحر الكاريبي ؟
قُـل لي يا سيِّدي :
ماذا أفعَلُ بهذه التركة الثقيلة من الذكرياتِ
التي تركتَها على كتفيّ ؟
لقد حاولتُ أكثرَ من مرّةٍ . . أن أتخلَّص منك . .
و منها
و لكنّني خجلتُ من بيْعِ تاريخي
و بيْعِ مشاعري
و بيْعِ ضفائري في المزاد العلنيّ























10





إلى أيّة مدينةٍ من مدُن العالم .. سأذهبْ
و معكَ خرائطُ كلَّ الأمكنةْ
و في أيّ مقهى سأجلسْ
و أنتَ احتكرت أشجارَ البُنّ
و رائحةَ القهوةْ ؟
و بأيّة لغةٍ سوف أتكلّم
و بيديّكَ مفاتيحُ لغتي ؟ ...
حاولتُ ترحيلَكَ إلى الوجهِ الثاني من القمَرْ
فلمّا طلَع القَمر . . عدتَ مع أشعّتهْ
و وجدتُ وجهَكَ مرسوماً على زجاجِ نافذتي
حاولتُ أن أرسلكَ إلى أمّك
التي علّمتكَ الدَّلعَ . . و الفَوْضى . .
و هوايةَ جمعِ الطوابعِ
و جَمْعِ النساءْ
و لكنّها أعادتْكَ لي بالبريدِ المضمونْ
مع أطيبِ التمنّيات .































أعتذرُ لك . . .

1


أعتذِرُ لكَ يا سيّدي . .
أعتذِرُ لكَ يا سيّدي . .

أعتذِرُ لكَ . . من أعماقِ القلب ,
و من تشقّقات الفكر ,
عن الزّمنِ الضائع . . .
الذي لم تكُن فيه حبيبي
أعتَذر لَك عن الصّيْفِ و الشّتاءْ
و عن الخريفِ و الرّبيعْ
و عن كلِّ جزءٍ من أجزاءِ الثانيَة ...
لمْ أُخبئك به تحت أجفاني
و لم أسقِكَ من حليِبِ حناني .




2

أعتذِرُ لكَ يا سيّدي . .
أعتذِرُ لكَ عن طفولتي ,
التي مرّت بلا لونٍ .. ولا طعمٍ ... ولا رائحة ...
فلا قرأتُ خطوط يديكَ جيّداً
و لا استوعبتُ رائحةَ شجاعتِكَ جيّداً
أعتَذرُ ... عن أيّامي التي لم تكُن أيّاماً ,
و تاريخي . . الذي لم يكُن تاريخاً . . .
و حدائقي . . التي كانتْ لا تُزهِر . . .
و سمائـي . . التي كانت لا تُمطِر . . .






3


أعتذِرُ لكَ يا سيّدي . .
عَن مئَةِ عامٍ من العزلة ,
لم تطلعْ فيها من فكري
شَجرةٌ واحدة . . .
تُغَيّرُ تاريخَ الشجر . .
و لا بنفسجةٌ واحدةٌ تغيّرُ تاريخَ البنفسج ,
و لا قصيدةٌ واحدةُ تغيّرُ تاريخَ الشعر .
4



أعتذِرُ لكَ يا سيّدي . .
أعتذِرُ لكَ . . . و لو بصورةٍ متأخّرة . .
عن المُدنِ التي زرتها وحدي . .
و طائرةِ الكونكورد التي سافرتُ بها  وحدي . .
و الشّوارِعِ التي تسكّعتُ فيها وحدي   . .
و الأمطارِ التي تبلّلتُ بها وحدي  . .
و المكتباتِ التي قرأتُ كتبها وحدي . .
أعتذِرُ . . لك . . . .
عن الفنادق الموحِِشة التي دخلتُ إليها وحدي ,
و بكيْتُ بين جدرانها وَحدِي . .
أعتذِرُ لكَ عَن سنواتِ اليُتّم العاطفيّ التي عشتُها
قبل أن تكونَ سيّدي . . . و مليكي . .




5

أعتذِرُ لكَ يا سيّدي . .
أعتذِرُ لكَ للمرّةِ الخمسين . .
عن كلِّ زاويةٍ من فكري لم تشملْها برضاك
وكلِّ سنتيمتر من شَعرِي
لم يدخلْ في قائمةِ ممتلكاتِكْ
و كلِّ خيطٍ من ثيابي لم يخضرْ لابتسامتِكْ
أعتذِرُ لكَ عَن كلّ الرسائل
التي كتبتُها إليك قبل ولادتي . .
و لم أسلّمها إليْك . .
و عن كلِّ الأحلام التي رسَمتُها بألوانِ الطّيْف
على جُدران رحمِ أمّي . .
و لم تصلْك . .
و كلّ الأسماكِ التّي التقطتُها
لك من بحيرةِ القمر . .
و ماتتْ بين يدي .





















رجُل في الذّاكرة . . .


1

مُشكِلتي معك , لا عَلاقة لها بِقلبي
بل بذاكرتي . .
هذه الذَاكرةُ التي تحتلُّها احتلالاً قَسْريّاً
منذ مئةِ عامْ
دونَ رضايَ . .
و دونَ إرادتِي . .
و دونَ أن يكونَ مَعَكَ عقدُ للإيجار . . .







2
منذ مئةِ عامْ . .
و أنت تعيشُ في ذاكرتِي
كما لو كانتْ شَقَّتَكَ الخُصوصيّة
تتمددُ على وسائِدها متى تشاءْ . . .
و تعلّقُ ثيابكَ في خزائِنها متى تشاءْ
و تأخُذُ قَيْلولتَكَ فيها حينَ تشاءْ . . .
و تستعملُ ثلاجتها ...
و تصنَعُ قهوتكَ حينَ تشاءْ . .


3
منذ مئةِ عامْ . .
و أنتَ مُعربَشٌ كحشائشِ البحرْ
على شواطئ ذاكرتي .
أطلبُ منك الهجرةَ . . فلا تُهاجِرْ
و أشتري لك بطاقَةَ سفَرٍ . . فلا تسافرْ
و أغلقُ حقائبكَ . . فتفتحها من جديدْ . .
و أطلبُ من البوليس أن يُلقي القبضَ عليكْ
فيُلقي القبضَ عليّ . .












4
منذ مئةِ عامْ . .
و ذاكرتي لا تتذكَّرُ رَجُلاً غَيركْ . .
و لا تعرفُ من التاريخ , غير تاريخِكْ
و لا تعرفُ من الجغرافيا , غيرَ مساحةِ يديكْ . .
و لا تعرفُ من الثقافة .. سوى كلماتِ الحُبِّ
التي تكتُبُها على قميصي . . .

5


منذ مئةِ عامْ . .
و أنا أُحاوِلُ أن أكسرَ دائرةَ الطباشيرْ
التي حَبَسْتَني فيها . .
و خبَّأت مفاتيحَها في جَيْبِكْ
منذ مئةِ عامْ . .
و أنا أُحاول أن أقنعَكَ باحترامِ حقوقِ الإنسانْ
و حقوقِ الأُنوثَةْ
و لكنَّكَ . . كَكُلِّ ذكور القَبيِلَة . . .
بقيتَ مصِرَّاً على الاحتفَاظِ بممتلَكاتِكْ . .
التي لا تغِيبُ عَنها الشّمس  . .
و بَقيتَ رافِعاً أعلامكَ الحمْراء
فوقَ أسوارِِ ذاكرتي . . .






6


أيُّها الجالسُ مَلِكاً فوقَ عرشِ ذاكرتي
حَرِّرني و لو ليومٍ واحدٍ من سُلطانِك
فكلُّ شارعٍ أمشي فيه . . . يحمِلُ اسمَك
و كلُّ مقهى ألجأُ إليه . . . يرفُضُني وحدي . . .
و كلُّ حديقةٍ عامةٍ تُـقفَلُ أبوابَها في وجهي . .
و كلُّ البوتيكات التي أشتري منها ثيابي
لا تبيعُني شيئاً . . . قبلَ أن أستشيرَكْ . . .
فاخرُج من تحت جِلْدي
حتّى أعيشَ حياتي بصورةٍ طبيعيَّةْ
و أتنفَّسَ بصورةٍ طبيعية .









7


إننِي أحملكَ في داخلي
كامرأةٍ في شهرها التاسعْ . . .
فكيفَ أتخلصُ منك ؟
كيفَ أقطعُ حبْلَ مشيمتي معَكْ
و أنت مشتَبِك ككُرةِ الصّوفْ

بأحلامي , و رغباتي , و جهازي العصبيّ ؟
كيفَ أتركُكَ على قارعةِ الطريق
تحتَ الثلجِ و المطر , و الأعاصيرْ . .
و أنت أوّلُ طفلٍ ولدتُهُ
و آخرُ طفلٍ سوفَ ألِدُه ؟ . .







8



لقدْ سقَط جدارُ برلين , يا سيِّدي
و سقطَت حجارة العالم القديمْ
و تحرَّرت جنوب إفريقيا من حكم الرجُل الأبيَضْ
بعد ثلاثمئة عامْ . .
فلماذا , يا أيُّها الرجلُ الأبيَض
تواصل احتلال ذاكِرتي ؟
لماذا تزرعُ الألغام في ذاكرتي ؟
و الحرائقَ تحت مخدّتي ؟









9


كيف أقتلعُكَ من ذاكرتي
و أنت متشبّثٌ بها
كما تتشبّث الشُّعَب المرجانيّةْ
بصخورِ البحر الأحمر ؟ . . . . . . . . . . .






10


يا أيُّها المستأجرُ الأبديُّ لمشاعري
اذْهَبْ إلى أي فندقٍ تشاءْ . . .
و أنا سأدفعُ أجرةَ إقامتِكْ
ادخلْ إلى أيِّ مقهى تختارُه . . .
و أنا سأدفَعُ ثمنَ قهوتِكْ . . .
تزوَّج من أيِّ امرأةٍ تعجبُكْ
و أنا سأدفعُ لك المهْر ! !

















































خُذني إلى حُدود الشّمس . .


1




قلْ لي . قلْ لي
هل أحببت امرأةً قَبْلي ؟
تفقِدُ , حين تكونُ بحالة حُبٍّ
نورَ العقلِ . . .









2






قلْ لي |. . قلْ لي
كيف تصيرُ المرأةُ – حين تُحِبُّ –
شُجَيْرَةَ فُلٍ ؟
قلْ لي
كيف يكونُ الشّبَهُ الصارِخُ
بينَ الأصلِ , و بينَ الظلِّ
بينَ العين , و بينَ الكِحلِ ؟
كيف تصيرُ امرأةٌ عن عاشقِها
نُسخَةَ حُبٍّ . . طِبقَ الأصْلِ ؟ . .


3




قلْ لي .. لغةً
لم تسمعْها امرأةٌ غيري . .
خذنِي . . نحو جزيرةِ حُبٍّ . .
لم يسكنُهاأحدٌ غيري . .
خُذني نحو كلامٍ خلفَ حدودِ الشِّعرِ
قلْ لي  : إنّي الحبُّ الأوّل
قلْ لي : إنّي الوعدُ الأوَّلْ
قَطِّر ماءَ حنانِك في أذُنيَّا
إزرَع قمراً في عينيَّا
إنَّ عبارةَ حُبٍّ منكَ . .
تُساوي الدنيا . .  .






4




يا مَنْ يسكنُ مثلَ الوردةِ في أعماقي
يا مَنْ يلعبُ مثلَ الطفلِ على أحداقي
أنتَ غريبٌ في أطوارك مثلَ الطفلِ
أنتَ عنيفٌ مثلَ الموْجِ ,
و أنتَ لطيفٌ مثلَ الرملِ . .
لا تَتَضايقْ من أشواقي
كرِّر . كرِّر اسمي دوماً
في ساعات الفجر . . و في ساعات الليل
قد لا أُتقِنُ فنَّ الصمت .. فسامِح جهلي . .
فتّشْ . فتِّش في أرجاء الأرض
فما في العالم أنثى مثلي . . .












5

أنتَ حبيبي . لا تترُكنِي
أشربُ صبري مثلَ النَّخْلِ . .
إنّي أَنتَ . .
فكيْفَ أُفرِّقُ .. بينَ الأصلِ , و بينَ الظِّلِّ ؟













رائحةُ صوتك . .







1

تدورُ المقاهي حولَ نفسها . .
تدور كلماتُكَ حولَ أُنوثتي . .
تدور الذكرياتُ حولَ عنقي . . .
أهربُ من رائحةِ صوتِك . . .
إلى غرفتي .




2



يا هذا الذي احتكرَ جغرافيّة العالم . .
اترك إقليماً في فكري . .
لا يخضعُ لاستعماركْ
اتركْ قلعةً واحدةً من قلاعي .. . .
لا ترفرفُ فوقها أعلامُكْ .






3



أيا رجل الكبريتِ و النّار
أعجنّي كقطعة صلصال . .
ارسمْني
هضبةً من الفضَّة . .
و هضبةً من الذّهب . .
و حبّةً من اللوز
و حبَّة من المانغو
ارسمني على صورتكْ .. . .
فأنا لا أعترف بأيّة صورةٍ لي
لا تحملُ توقيعَك

































سأبقى أُحبُّكَ . .


1




أُحبُّكَ . . .


رَغْمَ ألوفِ العُيوُبِ الصغيرةِ فيكَ
و أعرفُ أَنَّكَ لا تستحقُّ عطائي .
و أرمي بنفسي على ساعِديْكَ
و لا أتذكّرُ أينَ أمامي . .
و أينَ ورائي . .





2

أُحبُّكَ . . .
حتّى حدودِ السذاجةِ
حتى حدوُدِ الغباءِ . .
و أعرفُ أنّي سأغرقُ في آخرِِ الأمر ,
في شِبْرِ ماءِ . . .
فسامِحْ غبَائي . .


















3

أُحبُّكَ جداً . . .
و أعرفُ أنَّ مزاجَكَ
غيْمٌ ... و برقٌ ... و رَعدٌ ,
و أني تزوّجتُ فَصْلَ الشتاءِ
و أعرِفُ أنَّ التقدُّمَ صعبٌ
و أنّ التراجُعَ صَعبٌ
و أنَّ بحارَك دون ابتداءٍ . .
و دونَ انتهاء
أحبُّكَ جداً . . .
و أعلَمُ علمَ اليقين
بأنّي أؤَسِّسُ مملكةً في الهواءِ . . .




4


حبُّكَ جداً . . .
و أعرِفُ أنّي سأقتحِمُ المستَحيِلْ
و ألمِسُ سَقْفَ السماءِ
أُحبُّكَ حتى التَّهوُّر
حتى التّبخر
حتى التَّقَمُص فيكَ
و حتّى فنائِي . .





5




أُحبُّكَ . . من دونِ قيدٍ . . و من دونِ شرطٍ
و أعرفُ أنّي تجاوزتُ كلَّ الخطوطِ
و أح~رَقْتُ نِصفَ البلادِ ورائي .
أحِبُّكَ , من دون أيِّ حسابٍ
و أعرفُ منذُ البدايةِ
أنّي سألقى جَزَائِي . .








6

أحبُّكَ جداً . . .
و كم كنتُ أرغبُ أن لا أُحبُّك
لكنّها نُقطةُ الضَّعفِ عندَ جميِعِ النساءِ
فَفِي حالةِ العشْقِ . .
لسنا نفرِّق بين السُّفوحِ
و بين الهضابِ
و بينَ السطورِ وبينَ الكتابِ
و بينَ الثوابِ و بينَ العقَابِ
و في حالة الشَّوْقِ . .
لسنَا نفرِّقُ بين النّبي و بينَ المُرابي
حبُّكَ جداً . . .
فهَل يا تُرانِي , أحبُّ خرَابي .



7


أيا أيُّها الديكتاتورُ الصغيرْ
 أنا لا ألومُكَ مهما فعلتْ
و مهما قمعتَ شُعوري
و مهما كسرتَ خيالي . .
و مهما بطشتْ
فلم تكُ يوماً قويّاً
لكنَّ ضَعفِي خلاّكَ تُحسَبُ في الأقوياءِ
و لَم تكُ يوماً كبيراً
و لكنْ أنا . . .
قد رفعتُك بالحبِّ نحو السَّماءِ . . .



8



أيا سيِّدي :
لا تؤاخِذ جُنوني
فإنّي بدائيَّة النزواتْ
و عشقيَ – مثلي – بِدائي
سأبقى أّحبُّكَ
مهما ضجرتَ
مهما صرختَ
و مهما احْتَجَجْتَ
و مهما أردتَ التحرُّرَ من كُحْليَ العربيِّ ,
و من شَعرِيَ الكستنائيّ
سأبقى أحِبّك
حتى تسيلَ دماكَ
و حتّى تسيلَ دمائي . . .






ليلةُ القبض على فاطمة . . .


1




هذي بلادٌ . . تَخْتِنُ القصيدةَ الأُنثَى . .
و تشنُقُ الشمسَ لدى طُلوِعِها
حفظاً لأمنِ العائلةْ
و تذبَحُ المرأَةَ إن تكلَّمَتْ
أو فكَّرَتْ
أو كتَبَتْ
أو عشَقَتْ
غَسلاً لعارِ العائلهْ . . .



2




هذي بلادٌ لا تريدُ امرأةً رافضةً . .
و لا تريدُ امرأة غاضبةً
و لا تريدُ امرأة خارجةً
على طقوُسِ العائلةْ
هذي بلادٌ لا تريدُ امرأةً . . .
تمشي أمامَ . . . القافلَهْ . . .




3




هذي بلادٌ أكلتْ نساءها . . .
و اضطجعتْ سعيدةً . .
تحت سياطِ الشمسِ و الهجيرْ
هذي بلادُ الواق و الواقِ . . التي تصادرُ التفكيرْ
و تذبحُ المرأةَ في فراشِ العُرْسِ . . كالبعيرْ . .
و تمنعُ الأسماكَ أن تسبحَ
و الطيورَ أن تطيرْ . .
هذي بلادٌ تكرهُ الوردةَ إن تفتَّحتْ
و تكرهُ العبيرْ
و لا ترى في الحُلْمِ إلا الجِنْسَ . . و السريرْ . . .



4




هذي بلادٌ أغلقتْ سماءَها . .
و حنَّطَتْ نساءَها . .
فالوجهُ فيها عَوْرَةٌ
و الصوتُ فيها عَوْرَةٌ
و الفكرُ فيها عَوْرَةٌ
و الشِّعْرُ فيها عَوْرَةً
و الحُبُّ فيها عَوْرَةٌ
و القَمَرُ الأخضرُ , و الرسائلُ الزرقاءْ




5



هذه بلادٌ ألغتِ الربيعَ من حسابِها
و ألغتِ الشتاءْ
و ألغتِ العيونَ . . و البُكاءْ . .
هذي بلادٌ هَربتْ من عقلِها
و اختارتِ الإغماءْ . .








6




ماذا تريدُ المدنُ النائمةُ . . الكسولةُ . . الغافلةْ منّي ,
أنا الجارحةُ . . . الكاسرةُ . . المقاتلَهْ ؟
إن كان عقلي ما يريدونَ ,
فلا يُسعدُني بأن أكونَ عاقلهْ . . .
ما تفعلُ المرأةُ في أمطارِها ؟
ما تفعلُ المرأةُ في أنهارِها؟
كيفَ تُرى يمكنُها أن تزرعَ الوردَ
على هذي الجرودِ القاحلَهْ ؟








7

ماذا من المرأة يبتغونَ في بلادنا؟
يبغونَها مَسْلوقةً . .
يبغونَها مَشويَّةً . .
يبغونَها معجونةً بشَحْمِها و لحمِها
يبغونَها عَروسةً من سُكّرٍ
جاهزةً للوصلِ كلَّ لحظةٍ
يبغونَها صغيرةً .. وجاهلَهْ
هذي هي الوصايا العَشْر . .
في حفظِ تراثِ العائلهْ



8



معذرةً . . معذرةً . . .
لن أتخلَّى قطُّ عن أظافري
فسوف أبقى دائماً
أمشي أمامَ القافلَهْ . .
و سوف أبقى دائماً . .
مقتولةً . . أو قاتلَهْ . .
































السمكةُ تعود إلى بحرِها . . .

1



ها أنذا أمام بحرِ بيروت
لأستعيدَ صَداقتي مع الطيورِ و الأسماكْ
و حواري مع اللونِ الأزرقِ . .
بعدما أرهقَني العطشْ . .
 و دوّختني المسافاتْ . .
و حاصرني الزمنُ اليابسْ


2


ها أنذا أقفزُ كسمكة
على شاطئ الأوزاعي
و أنامُ على الرملِ الدافئ
بعد مئةِ عامٍ من النومِ على سريرِ الأحزان





3
ها أنذا أكسرُ جدران ذاكرتي
و أدخلُ المدينة التي علّمتني
كيف أقرأُ كتابَ الحريَّة
و كيف أكتشفُ فضاء أحلامي
و أبعادَ أنوثتي ؟





4


ليس صحيحاً . . .
أن بيروت يحدُّها البحرُ من الشرق
و الجبالُ من الغرب
إنها مدينةٌ لا نهايات لها . .
تماماً كالحلمِ . . . و الشِّعر . . . و الحريَّة





5

ليسَ صحيحاً . . .
 أن بيروت هي إحدى قصائدِ البحرِ الأبيضِ المتوسط
بيروت هي الشَّعرُ كلّه . .




6

بيروت كحّلتني
و عطّرتني
و جمّلتني
و ألبستني سواراً من الذهب . . .
لم أخلعْهُ من معصمي . . .
منذُ أكثر من ثلاثينَ عاماً . . .







7



بيروت زرعتْ في شعري وردة . .
لم تزل أوراقها مبلّلة
منذُ أكثر من ثلاثين عاماً . . .






8

بيروت أعطتني مفاتيح الشِّعر . . .
و قنديل الثّقافة . . .
و لا يزالُ القنديِلُ يتوهّجُ في غرفتي . . .
منذُ أكثر من ثلاثين عاماً . .




9


في الستينات . .
كنتُ كنخلةٍ صحراويَّةٍ تنتظرُ المطر . .
كزهرةِ أقحوان . .
تبحثُ عن إناءٍ يحتويها . . .
و في بيروت وجدتُ الإناء . .
و اغتسلتُ بمطرِِ الحريَّة . . .



10



بعد عامٍ على وصولي إلى موطنِ القمر
بدأتُ أكتبُ شعراً
على دفترِ القمر
و بدأتُ أتعلمُ لغة العصافيرِ في ( زحلة ) ,
و لغةَ الصنوبرِ في ( ضهور الشوير )
و لغةَ الثلجِ في جبلِ ( صنين )
و لغةَ البحرِ في صوتِ فيروز . .



11

و في مدينةِ ( عاليه ) . .
و بين كرومِ العنبِ و أشجارِ الكرز
و أزهار الدفلى . .
و أنجبتُ أحلى قصائدي ( مبارك )
و هكذا أعطاني لبنان شهادتينِ أفتخرُ بهما . .
شهادةَ الحياة . .
و شهادةَ الأمومة . .






12

علّمني بيتُنا في ( اليرزة )
كيف أصادقُ الشجر
و كيف أغتسلُ بموسيقى المطر
و كيف أتذوّقُ سمفونيّةَ الصراصير الليليّة . . .




13


لم تستطعِ الحربُ أن تنتصرَ على لبنان
لم تستطعْ أن تنتصرَ على الحلمِ اللبناني . .
و التوهُّجِ اللبنانيّ
و التفوُّقِ اللبنانيّ . .
لم تستطعْ أن تقصَّ أجنحةَ طموحِه . .
أو توقفَ صهيلَهُ الجميل . .
أو تغتالَ كبرياءَ أرزِه . . و روعةََ مواويلِه . . .






14




لم تستطعِ الحرب . .
أن تُسكتَ صوتَ جبران . .
أو صوتَ اليأس أبي شبكة . .
أو صوت الأخطل الصغير . .
ربما استطاعتِ الحربُ أن تحرقَ الحجر . .
و الإسمنت
و أن تطفئَ قناديل الشوارع
ولكنّها بالتأكيدِ لم تستطعْ أن تطفئَ حضارةَ
صيدون و صور . .
أ وتمنعَ قدموسَ من الإبحارِ إلى المستحيل . .





15


سبعةَ عشرَ عاماً . . . مرّت على حريقِ بيروت . . .
ولا تزالُ أكبرَ من موتها . . .
و أكبر ممّن دمّروها . . و أحرقوها . .
سبعةَ عشرَ عاما . . تحت ألسِنة اللّهيب .
و لا تزالُ تتوهّجُ تحتَ الرماد . .
كسبيكةِ الذَّهب . . .























أنا أَلفُ مّرةٍ أجمل . . .


1



لأنكَ تُحبُّ الشَّعرَ الأسودَ الطويل
فإنَّ الآسيويات
أسدلنَ ستائر الليلِ على ظهورهِنّ
تحيّةً لك أيّها المليكْ
و أضربْنَ عن قصِّ شعورِهِنّ



2

لأنَّكَ تُحبُّ اللون الأسمرَ المحروق
فقد اغتسلنَ بالشّمسِ حتى يستقبلْنَك
أيها القادمُ على حِصانِ العشقْ




3


لأنَّك تُحبُّ وجهي طبيعياً
فإنّ النساء غسلْنَ وُجوهَهُنَّ
بمياه الأمطارِ الاستوائيّة
و تَحَمّمنَ بماءِ الوردْ
إكراماً لعينيك
و لأنكَ تُحِبُّ وجهي طبيعياً كزنبقةِ الصباحْ
فإنّ اللهَ أبدعَ في رسمِ وجهِ سنغافورة














4

و لأنّكَ تُحبُّني ...
فإنَّ العالمَ صارَ أكبرْ
و السّماءَ أوسعْ
و البحرَ أكثرَ زُرقةْ
و العصافيرَ أكثرَ حريّة
و أنا ألفَ ... ألفَ مرّةٍ أجمل  .








صوتُك بيتي . . .

1

أتغطّى بشراشفِ صوتِك القمَريّ
كما تحتضنُ طفلةٌ لُعبتَها
في ليلةِ العيد . . .



2

صوتُكَ بلبلٌ . . . وصيف
و غاباتٌ سويسريّة . .
صوتُك . . .أحطابٌ . . . و شموعٌ
و فحمٌ مشتعل . .



3


صوتُكَ شالٌ منَ الصّوف . .
ألبسُه في ليالي البردِ و الصّقيعْ
صوتُكَ مظلّةٌ . . و غمامةٌ . . . وديوانُ شعر . . .
صَوتُكَ كَتِف . . .
صوتُكَ بيتي . . .




السمفونيّـة الرّماديّة . . .

1


يا أحبابي :
كانَ بوُدّي أن أُسْمِعَكُمْ
هذي الليلةَ , شيئاً من أشعارِ الحُبّ
فالمرأةُ في كلِّ الأعمارِ ,
و من كلِّ الأجناسِ ,
ومن كلِّ الألوانِ
تدوخُ أمامَ كلامِ الحُبّ
كان بِوُدّي أنْ أسْرُقَكُمْ بِضْعَ ثوانٍ
من مملكةِ الرّمْلِ , إلى مملكةِ العُشْبْ
يا أحبابي :
كان بودّي أن أُسْمِعَكُمْ
شيئاً من موسيقى القلبْ
لكنَّا في عصرٍ عربيٍّ
فيهِ توقّفَ نَبْضُ القلبْ . . .





2



يا أحبابي :
كيف بوُسعي
أن أتجاهلَ هذا الوطَنَ الواقعَ في أنياب الرُّعبْ ؟
كيفَ بوُسعي
أن أتجاوز هذا الإفلاس الرُّوحيَّ
و هذا الإحباط القوميَّ
و هذا القَحطَ . . . و هذا الجَدْبْ ؟






3


يا أحبابي :
كان بودّي أنْ أُُدْخِلَكُم زَمَنَ الشِّعرْ
لكنّ العالم . و ا أَسَفَاه . تحوَّلَ وحشاً مجنوناً
يَفْتَرِسُ الشِّعرْ
يا أحبابي :
أرجو أن أتعلَّم منكُمْ
كيف يُغنّي للحريّةِ مَنْ هوَ في أعماقِ البئرْ ؟
أرجو أن أتعلَّم منكُمْ
كيْفَ الوردةُ تنمُو من أشجارِ القهرْ ؟
أرجو أن أتعلَّم منكُمْ
كيفَ يقولُ الشاعرُ شِعراً
وهو يقلَّبُ مثلَ الفَرْخةِ فوقَ الجمرْ؟



4

يا أحبابي :
لا هذا عصرُ الشِّعرِ , ولا عصرُ الشُّعَراءْ
هل يَنْبُتُ قمحٌ من جَسَدِ الفقراء ؟
هل يَنبُتُ وردٌ من مِشنَقَةٍ ؟
أم هل تَطلَعُ من أحداقِ الموتي
أزهارٌ حمراء ؟
هل تَطلَعُ من تاريخِ القَتْلِ قصيدةُ شعرٍ ؟
هل تخرُجُ من ذاكرةِ المَعدِنِ يوماً قطرةُ ماءْ ؟





5


تتشابهُ كالرُّزِّ الصينيِّ . . .
تقاطيعُ القَتَلَه
مقتولٌ يبكي مقتولاً
جُمْجُمةٌ تَرثِي جُمجُمةً
و حذاءٌ يُدفَنُ قُرْبَ حذاءْ
لا أحدٌ يعرِفُ شيئاً عن قبرِ الحلاّجِ
فنِصْفُ القتلى في تاريخِ الفِكْرِ ,
بلا أسماءْ . .









بيروت كانت وردةً . . .
و أصبحت قضيهْ




1

بيروتُ . يا قصيدةَ القصائدْ .
يا وردةَ البحرِ .. و يا جزيرةَ الأحلامْ
يا عمريَ الجميلَ مكتوباً
على الرّمالِ , و الأصدافِ و الغَمَامْ
و يا مكاتيبَ الهوى ينقُلها الحَمَامْ . . .
يا شَعْريَ الطويلَ مَنثوراً
على ( الرَوْشَةِ ) . . . و ( اليَرْزَةِ ) ...
و الأشرعةِ البيضاءْ . .
يا فَرَحي كطفلةٍ ضائعَةِ في ( شارِعِ الحمراءْ ) !! .  .




2

آتي من الكويتِ . . .
مثلَ نخلةٍ مُتعبةٍ تريدُ أن تنامْ . .
آتي إلى البيتِ الذي من خُبزِهِ أطْعَمَني
آتي إلى الثّدْي الذي أرْضَعَني .
آتي لكم مُشتاقَةً
كي أشكرَ الحرفَ الذي ثقَّفني ..
و أشكرَ البحرَ
الذي :
إلى حدود الشمْسِ قد أطْلَقَني . . .,












3

أبحثُ في بيروتَ . .
عن لونِ عينيَّ و طُولِ قامتي .
أبحثُ عن عمري . . و عن ذاكرتي .
أبحثُ عن رسائلي الأولى . . .
و عن علاقتي الأولى . .
و عن وعودي الأولى . .
و عن قصائدِ الحُبّ الذي ترفُضُها قبيلتي . . .



4

آتي إلى بيروتَ
كي أَلقى صديقي البَحرْ
آتي لكي ألقى صديقي الشِّعر
فعندما تغيبُ بيروتُ
فلا قصيدةً جميلةً نقرؤها
أو قطعةً من نثْرْ.
و عندما تغيبُ بيروتُ عن العينِ
يغيبُ العمْر .





5

أبحثُ في بيروت . .
عن أشيائي الأولى التي تركتُها في غُرفتي . .
عن كُتُبِ الشّعرِ التي تبكي على مكتبتي . .
أبحثُ عن أمطارِ أيلولَ . . و عنْ مظلتي ..
عن قِصَصِ الحُبِّ التي خبّأنتُها بالسرِّ في حَقيبَتي . .
فَمنْ تُرى يُعيدُ لي طُفولتي ؟ . .
و مَنْ تُرى يُعيدُ لي ذاكرتي ؟ . .






6

آتي إلى بيروت . .
كي أبحثَ عن حبّي . . و عن أحبَّتي
أبحثُ عن ( ترويقةِ ) الفُولِ لدى ( مَرُّوشْ )
عن باعةِ القهوةِ في الكورنيشِ
عن ( منقوشةِ الزعترِ ) . . عن جريدتي . . .





7


بيروتُ , يا شفَّافةَ العينينِ . .
يا لؤلؤةً بَحْريَّهْ
يا مُهرةً تَصهلُ في مَلاعَبِ الحريَّة . .
يا وردةً قد تركتْ أوراقَها . . و عِطرَها . . .
و أصبَحتْ قضيَّه !! . .




8

آتي إلى بيروت . .
كي أبحثَ عن كرَّاسةِ الشِّعْر
التي خَرْبَشْتُها في سالفِ الأيَّامْ
أبحثُ عن دفاتري
في وطنٍ قد صادرَ الأوراقَ , الأفكارَ , الأقلامْ . .
أبحثُ في بيروتَ عن كلامْ
أقُولُه , في وطنٍ يُحرِّمُ الكلامْ
يُحرِّمُ الحبَّ على أنواعِهِ . .
يُحرِّمُ الشِّعْرَ على أنواعِهِ . .
يُحرِّمُ الصلاةَ و الصِّيامْ !! . .










9




أبحثُ في بيروتَ
عن حريّةِ الحُبِّ ... و عن حرّيّتي
فليسَ من مدينةٍ تَليقُ بالشِّعرِ
سوى بيروتْ . .
و ليسَ من مدينةٍ تَليقُ بالحُبِّ
سوى بيروتْ
و ليسَ من مدينةٍ تُشْبِهُني
من مُدُنِ الدُّنيا , سوى بيروتْ . . .





10


ما أروعَ الأيَّام في ( شتُورةٍ )
و ( زَحْلةٍ ) . .
حيثُ رنينُ الكاسِ لا يَنامْ
و أعينُ العُشَّاقِ لا تنامْ
 الشِّعرُ حتى الفجرِ لا ينامْ
يا ليتني مثلَ العصافيرِ التي
تشتاقُ كلِّ لحظةٍ إلى بلاد الشامْ !! . .




11

أُحِسُّ في بيروتَ . .  أنّي امرأةٌ ثانيةٌ
في ذلك العصرِ الرّجوليِّ الذي
صادَرَ عقلي مرَّةً . . .
و مرّةً أُنوثتي . .
آتي إلى بيروتَ . . كي أحيا ليومٍ واحدٍ
و ألتَقي حُرّيّتي . .








12



آتي إليكِ اليومَ , يا بـيروت
هاربةً من قلقي النفسِيِّ . .
من تَوَجُّعي القوميِّ . .
من أُكذوبةِ السَّلامْ . .
آتي من التخلُّفِ الكبيرِ . .
و التَّشَرذُمِ الكبير . .
و التَّناثُرِ الكبيرِ . .
آتي إليكِ من ثقافةِ الشراءِ , و البَيْعِ . .
و من مُثّقفي الظَّلام !! . .




13

آتي إليكِ اليومَ , يا بيروتْ
أمشي على حقلٍ من الألغامْ
هاربةً من مدنٍ قد أحرقتْ تاريخَها . .
و طَلَّقَتْ مبادئ العروبَهْ
و طََلَّقَتْ مبادئَ الإسلامْ . .






14


آتي إلى الجَنوبِ
حيثُ الأرضُ تُنبِتُ الليمونَ , و الزيتونَ ,
و الأبطالْ
و تُنْبِتُ العزّةَ . . و النَّخْوةَ . . و الرِّجالْ . . .
آتي إلى الجَنُوبِ
كي أُقبِّلَ السُّيُوفَ , و الخيولَ , و النِّصالْ . .
و في فمي سؤالْ :
هل أصبحَ الجَنُوبُ وحدَه . . . قاعدةَ النِّضالْ ؟








سمفونيّةُ الأرض . . .




1


تلكَ سِمْفُونيّةُ الأرضِ العظيمَهْ
تَتَوالى . .
تَتَوالى . .
مثلَ ضَرْبَاتِ القَدَرْ
مرّةً في بيتِ لحمٍ
مَرّةً في غَزَّةٍ
مَرَّةً في الناصِرَهْ
قَلَبتْ طاولةَ الرُّوليت , علينا . . .
سَحَبَتْنا فجأةً من قَدَميْنَا . . .
كنَّسّبْ في لحظةٍ أسماءَ كلِّ الزُّعَماء
أغلَقَتْ بالشَّمْعِ أوكارَ السياسَهْ
و دكاكينَ الخَدَرْ
ذَبَحَتْ كلَّ البَقَرْ
فاستقيلُوا يا كبارَ الشُّعرأءْ
ليس للشِّعْرِ أميراً واحداً يُدْعى الحَجَرْ






2



تلكَ سِمْفونيّةُ الأرضِ المجيدَه
تتَوالى . . تَتَوالى
مثلَ إيقاعِ النواقيسِ ,
و مُسيقى القصيدَهْ
تَحمِلُ البَرْقَ إلينَا . . و المَطَرْ
أحْرَقتْ أَوراقَ كلِّ الأدَبَاءْ
خَلَعَتْ أَضراسَ كلِّ الخُطَبَاءْ
وَ رَمتهُمْ في سقَرْ
فافْرُشُوا السُّجَّادَ . . و الوَرْدَ . .
لأطفالِ الحِجارَهْ
و اغْمُرُوهُم بالزَّهَرْ . .
إنَّ إسرَائيلَ بيتٌ من زُجَجاجٍ . .
و انْكَسَرْ . .






3



ها هيَ الأخبارُ تأتي كالفَرَاشات إليْنَا
خَبَراً ... بعدَ خَبَرْ . .
حَجَراً . . بَعدَ حَجَرْ . .
فعلى أجفانِنا قَمْحٌ , و دِفْلَى , و وُرودْ
ها هُمُ أولادُنَا
يَضَعُونَ الشَّمْشَ في أكياسِهِمْ
يُبْدِعونَ الزَّمَن الآتي . . يَصِيدُونَ الرُّعُوُدْ
و يثُورُون على ميراثِ عادٍ , و ثَمُودْ
هَا هُمْ أكبادُنا . .
يَقْتُلُونَ الزَّمَنَ العبريَّ . .
يرمُونَ الوصايا العَشْرَ للنارِ ,
وَ يُلْغُونَ أساطيرَ اليَهودْ





4


رائعٌ هذا المَطَرْ
رائعٌ هذا المَطَرْ . . .
رائعٌ أن تَنْطُقَ الأرْضُ
و أن يمشي الشَّجَرْ
ها هُمْ يَنْمُونَ كالأعشابِ
في قَلبِ الشَّوارعْ
ففتاةٌ مثلُ نَعنَاع البَرَاري
و فتىً مثلُ القَمَرْ
ها هُمْ يمشُونَ للموتِ صُفوفاً
كعصافير المَزارعْ
و يَعُودونَ إلى خَيْمَتِهم دُونَ أصابعْ
فاتْرُكُوا أبوابَكُمْ مَفْتُوحةً
طُولَ ساعاتِ السَّمَرْ
فلقد يأتي المسيحُ المُنتَظَرْ
و لقد يَظهرُ فيما بَيْنَهُمْ
وَجْه عليِّ . .
أو عُمَرْ . .









5

قَاوِمي . . . أَيَّتُها الأيْدي الجميله . . .
قَاوِمي . . أَيَّتُها الأيْدي التي بلَّلها
ماءُ الطُّفولَه . .
لا تُبالي أبداً , بأكاذيب القبيلهْ
لم نُحرِّرْ نَحنُ شبراً من فِلِسْطينَ . . و لكن
حرّرتنا هذه الأيّدي الرَّسُولَه . . .

















































القصائد

-            التخرّج
-            حرائق على الثلج
-            أعتذر لك
-            رجل في الذاكرة
-            خذني إلى حدود الشمس
-            رائحة صوتك
-            سأبقى |أحبك
-            ليلة القبض على فاطمة
-            السمكة تعود إلى بحرها
-            أنا ألف مرة أجمل
-            صوتك بيتي
-            السمفونية الرماديّة
-            بيروت كانت وردة.. وأصبحت قضية
-            سمفونية الأرض



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق