الاثنين، 3 يونيو 2013

سعاد الصباح.. تباشير المطر




تقرأ سعاد الصباح ذاتها، قائلة: (( أنا إنسانة، بداياتي الشعرية كانت خربشات على كتاب الهندسة . وأطلقوا عليّ شاعرة المدرسة ، وكنت خجولة ورومانسية ، ووالدي شجعني أن أكون عازفةً على البيانو ، وقارئة ، وناظمة للشعر . وأسسني لجيل المستقبل . وتزوجت في الستينات ، وانتميت إلى عالم الشعر . وأخذت مفرداتي الشعرية من بيئة البصرة وجغرافيتها .
تأثرت بالمتنبي الذي صقل مواهبي ، وبمدرسة أبولو ، وبالمدرسة المهجرية ، وبمدرسة نزار قباني ، وإنني فخورة بالانتماء إليها ، وأضعها وساماً على صدري . 
لي ديوان ، في الفرح والحب والتفاؤل . وآخر في الحزن والفجيعة والمرارة على أثر وفاة ولدي . وعلاقتي بالرجل ، علاقة صداقة سواء كان أبي أم زوجي أم أخي . والمرأة لازالت تعيش في زنزانة الماضي ، والمجتمع صنع قفـلاً لفمهـا ولفكرهـا ، والظروف التـاريخية ظلمت المرأة ، والرجل ظلمها، والمجتمع قهرها .
وتبقى المرأة هي القضية ، لأن المـرأة هي الوطن ، والوطـن هــو المرأة ، وإذا لم تتحرر المرأة لا يتحرر الوطن )) .
ساهمت أدبيات سعاد الصباح، وليلى العثمان في زراعة بذور النهضة للمرأة 
الخليجية ، وتحررها ذهنياً من شعورها بالدونية والتسفيل .
ومثلت سعاد الصباح تيار الحداثة في الصور والمضامين ، والناتج عن جدل اللغة بالواقع والحياة اليومية . والحداثة عند سعاد الصباح ، تمثل نهراً متدفقاً في البناء الشعري والموقف .
قدمت مشروعاً عربياً نهضوياً يتضمن تحرير الإنسان العربي من الغبار الصحراوي الذي لحق به، والوحل المديني الذي التصق به .
وتعمل بكل الوســائل والإمكانيات المتاحة لها إلى تأسيس إنسان حرّ في وطن حرّ.
ونصّها ليس نصّاً مغلقاً ، بل هو نص مفتوح وغير مقيد باشتراطات الصحراء والقبيلة . 
في نصوصها ، نجد صدقاً في التعبير عن مشاعرها وأحاسيسها ، وجرأة في الانحياز إلى الحقيقة ، ودفئاً في مفرداتها ، وشفافية إنسانوية في رؤيتها وانفعالاتها ، واقتحاماً وخرقاً للسائد/ المألوف .
تكلمت الشاعرة بصوت الرجل . واســتخدمت مفردة الضمير الأنثوي المتكلم " إنني بنت الكويت . أنا الخليجية ... أنا الحضارة " .
لأنه الأكثر درامية من غيره ، والأكثر وقعاً وتأثيراً في السـيكولوجية الإنسانية ، والأكثر صراحة وصدقاً .
استخدمت الضمير الحاضر والغائب لتعرية الواقع الشرقي ، وتحرير إنسانة من غباره الصحراوي، والموروث والذاكرة السلبيين .
وعملت سعاد الصباح بكل طاقاتها الأسلبية والحياتية لتحرير المرأة الشرقية من عقدة الدونية والتسفيل ، وإلى تصالح المرأة مع جسدها .
رفضت الشاعرة قوانين الأنثى . لأنّ الذكور صاغوا القوانين لصالحهم .
كما استهجنت المنظومة القيمية الشهريارية . واعتمدت منظومة قيمية وتربوية راقية لصالح إبداع الجنسين معاً ، قائلة : 
(( كان بوسعي أن، أرقص فوق الموج ككل الحوريات
وان أتأقلم مثل جميع المسجونات
لكني خنت قوانين الأنثى
واخترت مواجهة الكلمات)) .
فضلت الشـــاعرة الواجب العام على الواجب الخاص . اختـارت المشاكسة ، مشاكسة جنون مرض العظمة لدى الذكورة . وقفت إلى جانب المهمشين والمغيبين والمتعبين من الجنسين معاً . استخدمت مفردات جديدة ومضادة لقانون القبيلة وقاموسها ." الإنسان الحبيب ، الحب المتبادل ، والعشق والصداقة ".
لذا أصبحت الشاعرة في نصوصها ويومياتها معادلاً طبيعياً للرجل في إظهار مشاعرها ، ونقل أحاسيسها مباشرة في الضوء لا في العتمة .
(( أنا البدوية
التي جاءت إليك من بحار الصين
فعلَّمني )) .
لأنّ الشاعرة لا تكترث بتاباوات القبيلة وأحكامها التعسفية . وهي توزع مشاعرها وعواطفها في فضاء واسع لا في مكان ضيق ومغلق .
(( مشاعري نحوك ، بحر ما له سواحل
وموقفي في الحبّ، لا تقبله القبائل
فاعتبروني امرأة
خارجة عن سنة الأوائل )) .
عملت الشاعرة بما تمتلكه من طاقات حيوية ، لتكوين ذات حرة ، في كرة أرضية صارت وطناً لها .
(( حين أكون بحالة عشق
أشعر أنني أمشي فوق الغيم
أسرق ضوء الشمس 
وأصطاد الأقمار
حين أكون بحالة عشق
أشعر أن العالم أضحى وطني
وبإمكاني .. أن انتقل دون جواز
كالكلمات .. وكالأفكار )) .
سعاد في الوقت نفسه ، هي أم حقيقية (( حينما تكون على خريطة هذا العالم تذكر أمومتي )) .
كما تنتقد الشـــاعرة المسـتحوزين والمستعملين والمستملكين لأراضي الآخرين ، والمستبيحين لمتخيلاتهم ، أكانوا مستعمرين للشعوب أو للنساء.
وتطلب من الزوج الشـرقي أن يمنحها الحكم الذاتي . ولكن استقلال الأفراد لا يعطى منحة ، بل يؤخذ عنوة من الأزواج الذكور .
تكلمت الشاعرة بصوت المرأة في غالبية نصوصها .
أزالت الحواجز النفسية بين المرأة وجسدها ، وبين المرأة والرجل ، في مجتمع شرقي راكد يعتبر مفردة الحب " فضيحة وجريمة موصوفة " .
والمرأة التي قرأت قصائد الشاعرة ، وجدت ذاتها في القصيدة ، وكأنّها هي الشاعرة والمحبة العاشقة أو المعشوقة .
لأن الشاعرة قامت بالتوليف بين دفء نصها وتفاؤل يومياتها .
في مجموعة " امرأة بلا ســواحل 1994 " نجد عشـــر قصائد اقتحامية ، معبرة عن اللغة وصور الحياة اليومية .
لذا استطاعت الشاعرة تحرير نصوصها من قيود اللغتين ، الكلاسيكية والشعبوية المحكية .
وأخذت من اللغتين مفردات المنطق والحكمة والجرأة والدفء . وقامت بالتعشيق بين اللغتين ، لتكوين لغة ثالثة . أحبها الشعبويون والنخبويون، مما جعل نصها يمتد أفقيـاً طامحـاً إلى تجاوز الركود الحياتي ، والذهنية المجردة ، وصولاً إلى واقع حلمي متحرك ومتحول عبر نص جريء واقتحامي وفضائحي وإنسانوي ، والذي وظف اللغة القاموسية الرسمية والمحكية الشعبية لخدمة الإنسان والحياة معاً .
في مجموعتها " امرأة بلا سـواحل " نجد حباً رومانسـياً بين اثنين متحررين ، لا يعترفان بالجغرافية السـياسية التي تفصل بين عاشقين محبين. ولا يميلان إلى التفرقة العنصرية .
وهو حب مفتوح في النصوص الشعرية ، والهواء الطلق .
تقول الشاعرة في مجموعتها " امرأة بلا سواحل " :
(( الحب الكبير لم يكن في يوم من الأيـام مناقضاً للقيم العليا والأخلاق العامة. إنه حق مشروع لا يختلف عن حق الأمواج في التكسّر وحق الرعود في التفجّر
وحق العصافير في الغناء والزقزقة
فلماذا لا يسمح لي أن أكون موجة أو رعداً أو عصفورة 
تغني على نافذة حبيبها ، دون أن تقتلها بواريد الصيادين ؟ )) . 
وفي نفس المجموعة نجد حباً بركانياً يخترق الأعراف والمحظورات والمألوف . 
(( حب يثور على الطقوس المسرحية ، على الجذور ، على النظام، حب يحاول أن يغير كل شيء، في قواميس الغرام )) .
وفي زمن يستبدل فيه التواصل البشـري بالتواصل الوهمي . ويغيّب ويهمّش الأنا الفردي والجمعي . ويسـتملك الخـارج إرادة الداخـل . ويخترق الداخـل حقوق مواطنيه .
(( في زمن التلوث الروحي والفكري والقومي 
هل يمكن أن نظلّ أصدقاء؟
وكيف نسترجع أيام الهوى ، ونحن مدفونات ، تحت الوحل والركام )) .
الشاعرة ترى في الشاعر، القوة القادرة على نقل مجتمعه من القهقرى إلى التقدم، وإذا لم يكن كذلك ، فلا ضرورة تاريخية لوجوده .
(( هو مخلّص الشعوب من موروثها وتخلفها
وإذا لم يكن مخلصاً، فلا ضرورة لوجود الشاعر وشعره )) .
تطمح الشاعرة إلى تحقيق عالم من القيم والمثل العليا ، وهي نبيلة في وســائلها وأهدافهـا ، ورافضة لمقولة الوعــود والوعيـد . وفي مجموعة " فتافيت امرأة " 1992 ومجموعة " في البدء كانت الأنثى " 1994 نقرأ نصوصاً شـعرية أنثوية راقية ، تعلن النشرة الجوية لدرجات الحبّ في الساحات العامة . وهي أول نصوص شعرية عربية أنثوية جريئة تقتحم المألوف والمحظور.
نصوصها ليست توصيفية لهموم المرأة وأحزانها ، بل هي نصوص مجابهة لاســتعمار الرجل الشرقي الذي حوّل نصف الوطن إلى معتقل ، والنصف الآخر إلى مغيّب ومهمّش.
الشاعرة الخليجية تدعو إلى التغيير والتجديد المستمرين في النصوص واليوميات . وتعتمد التضامن الإيجابي لا السلبي.
(( أنا الخليجية ، الهاربة من كتاب ألف ليلة وليلة
ووصايا القبيلة 
أنا النخلة العربية الأصول
والمرأة الرافضة ، أنصاف الحلول
فبارك ثورتي )) .
لأن المجتمع الشرقي في غالبيته يحترم المرأة الصامتة لا الناطقة .
ويعتبر المرأة الكاتبة ، منفلشة ، والمرأة المتحررة ، شريرة وحمقاء ، والمرأة الخيرة ، امرأة القبول والطاعة المطلقة .
وأفضل النساء في أدبياته الشفاهية، الفرّاخة والخادمة
وتقول الشاعرة بلسان الذكر الشرقي :
(( إن الكتابة إثم عظمي
فلا تكتبي
وخير النساء هي المرأة الراضية
وإن التحرر رأس الخطايا
وأحلى النساء هي المرأة الجارية )) .
الشـاعرة تضامنت مع المجتمع المتحول لا مع المجتمع الثابت الركودي الذي سينقرض . ويبقى الإنسان الفاعل والمتحرر.
(( أعرف.... أن الخفافيش تمضي
وأعرف أنهم زائلون
وإنّي أنا الباقية )) .
لم تكن قصيدة الشاعرة أنثوية صرفة أو مستجدية ومكبوتة ومحافظة ، بل كانت قصيدة مجابهة ، وطامحة إلى نقل الجنسين من التهميش إلى التفعيل. وكانت تحب الآخر لذاته ، لتطرد الحزن والضجر من مملكتها .
(( كن صديقي
أنا لا أطلب أن تبتاع لي يختاً
وتهديني قصوراً
هذه الأشياء لا تسعدني
هوايتي صغيرة
هو أن أمشي ساعات
وساعات معك
تحت موسيقا المطر
وطموحي هو أن أسمع في الهاتف
صوتك 
عندما يسكنني الحزن
ويبكيني الضجر )) .
المجتمع الشرقي يفرض الإقامة الجبرية على المرأة ، لأنه في الرصيف الآخر المعادي للتحرر وللحب وللصداقة .
وتبقى الشاعرة جريئة في اقتحاماتها الشعرية لمملكة الحب والصداقة .
(( اسميك
رغم احتجاج قريش
حبيبي 
اسميك حنى أغيظ النساء
حبيبي 
وأعرف أن القبيلة تطلب رأسي
وإن النساء
سيرقصن تحت صلبي )) .
في مجموعتها " في البدء كانت الأنثى " نجد إنساناً شرقياً يعامل المرأة سلعة وجارية ، ومتعة جنسية ، وقطعة أســـاس وديكور مميزين في قصوره الشرقية ، في حين تسعى الشاعرة بكل طاقاتها الأسلبية والحياتية لإجراء مقاربة بين أبجدية النص وأبجدية الحياة ، لأن المرأة جسد ودماء ومشاعر وطموح وحوارات .
(( فلماذا أيها الشرقي تهتم بشكلي ؟
ولا تبصر عقلي
إنني أحتاج كالأرض إلى ماء الحوار
فلماذا لا ترى في معصمي إلا السوار
ولماذا فيك شيء من بقايا شهريار ؟ )) .
ثورة الشـاعرة على الواقـع العربي الرســمي منه والأهلي في نصوصها " فتافيت امرأة " ليست توصيفية لواقع المرأة التراجيدي، بل حالة رفضية للمنظومة الأخلاقية لقيم المجتمع النفطي الاستهلاكي ، وللواقع العربي بكانتوناته الهزيلة في ظل نظام رسمي وأهلي ، مواكبة لنبض العالم المعاصر في التجديد والتحديث في جغرافية لازال فيها الأديب يصرخ شــعراً أو نثراً نيابة عن المرأة ، حيث لم يكن يسمح للمرأة أن تصرخ بصوتها الطبيعي .
وقامت الشاعرة بتعرية إمبراطورية الرجل الشرقي .
وعملت على تحرير المرأة من استعمار الرجل .
وكانت أصلب موقفاً من ســابقاتها من الشــــاعرات الخليجيات اللواتي صرخن شعراً ونثراً بأصواتهن .
الشـاعرة مع الشاعر نزار قباني شكلا مدرسة استقلالية للحداثة وللتجديد في البناء المعماري والدلالي للقصيدة السهلة / الصعبة .
لذا تطمح الشاعرة في نصوصها ويومياتها إلى صناعة امرأة تقترب من السيطرة على جسدها ، وحريتها في استعماله ، والعمل بجدية للمقاربة بين الجنسين باعتماد المساءلة وصولاً إلى إقامة الجمهورية النسائية التي تحترم القانون . وتعتمد أخلاقية العمل ، وكفاءة الأنوات ، وأنسنة الإنسان ، وتقديس حقوق المواطنة والمساءلة . وتعمل على تحرير الوطن ونصف المجتمع من الاعتقال التعسفي ، والشعور بالدونية والتسفيل .
وجعلت الشاعرة ، الشعر مشاعاً بين الجنسين .
وهي تعمل على تأنيس البشر والقيم، والرجل يحافظ على ذكوريته المستبدة.
(( أنا الحضارة 
والرجال طغاة التاريخ )) .
الشعر لدى الشاعرة حالة تجاوز وارتقاء وتفعيل للإنسان وللحياة . وهو ليس
(( حفلة كوكتيل
بل هو تواصل إنساني بين الشاعر وجمهوره
والشعر شعاع وجدان، ورصد معاناة
ونشاط فكرٍ لإنتاج الجمال
حالة حلم
وكهربة لحظة )) 
مفاتيح الشاعرة "الجنون والحب والصراحة والثورة . 
وهي صرخة احتجاج عالية المسـتوى . وتلتقي مع صرخــات غادة السمان ، ونوال السعداوي ، وأحلام مستغانمي ، وكوليت خوري ، وسيمون دي بوفوار.
(( إنني مجنونة جداً
وأنتم عقلاء
وأنا هاربة من جنة العقل
وأنتم حكماء، أشهر الصيف لكم
فاتركوا لي انقلابات الشتاء )) .
وتمثّل الشاعرة الوجه الإيجابي للحياة الحرّة الكريمة .
ويبقى القهر العام هو الوجه الآخر السلبي للحياة .
في قصيدة " عزف منفرد على ربابة كويتية " .
تتراءى لنا فتاة كويتية ملتحفة بالسواد ، ومحاطة بقبائل تئد النساء . وهي امرأة مكسورة الخواطر، ومقهورة العواطف والمشاعر. وترفضها السلطة الرسمية والأهلية . وهي امرأة تسكنها الخرافات . وتتبعها السكاكين . ترعبها الكوابيس . يرافقها الخجل والخوف والضجر في جغرافية تخشى القصيدة وثقافة المرأة . وتمنعها من حق الانتخاب وحق التصرف بكلمتها وجسدها.
الشاعرة رأت في ناصرها العظيم المخلّص ، وفي غيره المخرّب والمدمّر.
(( كان هو الأجمل في تاريخنا 
كان هو المهدي في حياتنا
والنخلة الأطول في صحرائنا
كان هو الحلم الذي يورق في أهدابنا
كان بنا يطير فوق جغرافية المكان
مستهزئاً من هذه الحواجز المصطنعة
من هذه الممالك المخترعة
من هذه الملابس الضيقة
المضحكة المرقّعة
من هذه البيارق الباهتة الألوان
كان هو القوة في أعماقنا
واللهب الأزرق في أحداقنا
والريح والإعصار والطوفان
كان هو النجمة في أسفارنا
والجملة الخضراء في تراثنا
كان هو المسيح في اعتقادنا
فهو الذي عمّدنا
وهو الذي وحّدنا
وهو الذي علمنا أن الشعوب تسْجن السجان
وأنها حين تجوع تأكل القضبان
يا ناصر العظيم لا تسأل عن الأعراب
فإنهم قد أتقنوا صناعة السباب
وواصلوا الحوار بالظفر والأنياب
وحاصروا شعوبهم بالنار والحراب
يا ناصر العظيم، سامحني
فما لدي ما أقوله
في زمن الخراب )) .
وقصيدة " إن جسمي نخلة تشرب من شط العرب "
(( إنني بنت هذا الشاطئ النائم فوق الرمل
كالظبي الجميل
في عيوني… تتلاقى
أنجم الليل... وأشجار النخيل
من هنا، أبحر أجدادي جميعاً
ثم عادوا، يحملون المستحيل
غرفتي الشمس
وجدودي اخترعوا الأمواج... والبحر
وموسيقا الرياح
صادقوا الموت
فلا الخيل استراحت
ولا السيف استراح
إن جسمي نخلة تشرب من شط العرب
وعلى صفحة نفسي ارتسمت
كل أخطاء وأحزان
وآمالْ العربْ
سوف أبقى دائماً
انتظر المهدي يأتينا
وفي عينيه، عصفور يغني
وقمر
وتباشير مطر
سوف أبقى دائماَ
أبحث عن صفصافة .... عن نجمة
عن جنّة .. خلف السراب
سوف أبقى دائماً
انتظر الورد الذي
يطلع من تحت اليباب )) .
القصيدة ولّفت بين العام والخاص ، والذات والقضّية . وأعادت بالذاكرة إلى تألق أمة العرب في ماضيها وهشاشتها في حاضرها ، وإمكانية استعادة عافيتها في المنظور القريب .
وحملت الشاعرة في عينيها وذاكرتها ، الحلم العربي " في عيوني تتلاقى أنجم الليل وأشجار النخيل" .
وانتظرت مهدياً
MESSIAH " في عينيه عصفور يغني ، وقمر
وتباشير مطر " . يخلّص المجتمع من النظام العربي الشمولي ، الرسمي منه والأهلي، وينقله من القهقرى إلى التقدم، ومن السوداوية إلى التفاؤلية.
ويطبع النظام العربي الرســمي والأهلي قبلة عابـــرة على وجه الشاعرة ، ممتزجة بالحزن والفرح معاً ، مما جعلها غزيرة في منتوجها الأدبي والشعري ، ومدافعة عن حقوق المواطنة . 
ومشــجعة للمبدعين من جيــل الشـباب ، وحاملـة في عينيها الجذابتين ، وفكرها المبدع ، وذاكرتها المتوقدة ، ماضيها الزاهر، وحاضرها القاحل ، ومستقبلها الواعد لصناعة تاريخ قادم ، رائع .
سعاد الصباح الأم والجدة ، الرسّامة وشاعرة قصيدة النثر والتفعيلة والعمود تقرأ ذاتها والآخرين عام 2005 قائلة : ولدت وفي أعماقي مهرة لا تعرف الحذر أو الخوف أو السكينة . كنت أحس بأني مسكونة بالعاصفة ، وأن الزمان هو زماني . كنت أحس بثقة كبيرة بنفسي . فما أقرره أعلنه وما أعلنه أفعله .
كان عبد الله المبارك ناصري الأول وسندي, فازددت به قوة , وغنمت بفروسيته رهان القتال . إنني حزينة لأن المرأة هي المتراجع الأول . وهي الجسر الذي يبنى عليه خصومها مسارهم .
المرأة العربية ليست مدعوة للثورة على غيرها ، بل على نفسها أولاً لتخرج من قارورة العطر التي حبسـت نفسها فيها . كنت أدعو المرأة للثورة على العقلية الذكورية . وأنا اليوم ادعوها إلى الثورة على ذاتها ، لأنه مالم تحقق انتصارها على هذه الذات ، فكل انتصار آخر يبدو باهتاً .
أما المثقف العربي في علاقته بالسلطة في بلده فيعاني تضييقاً كاملاً على كلمته وعلى حريته وعلى رزقه ، وليس هذا حالنا في الكويت .
لم أحسب يوماً حساب الرقيب الخارجي . أما الرقيب الذاتي فلا أحسب أنه كان شديد التحذير والقسوة .
أكاد أجزم بأنني اعرف على هذه الأرض أكثر من نصف مساحتها ، وغالبية شعوبها . يبقى لي أن أقول أن الكويت هي أجمل المدن في عيني لأن فيها أسرتي وصوتي وصداقات العمر الطويل ، وذكريات من كان ضوء ليلي الطويل . الأحلام المستحيلة لم تأخذ في خيالي حيزاً . لقد حلمت ، فعملت من أجل سعادة الآخرين . وكنت وما أزال أرى سعادتي عبر ضحكة على وجه امرأة ، أو بسمة في عيني طفل . وعندما اعترف أنني قد أضفت قطرة ندى على ابتسامة انسان أكون قد حققت ذاتي وامتلأت بنعمة الله علي " .
فتـاة غسـّان


http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=113415

الأحد، 2 يونيو 2013

كلمة د. سعاد الصباح التي ألقتها في يوم الوفاء لصالح العجيري




د. صالح العجيري يتوسط د. سعاد الصباح وعلي المسعودي مدير دار سعاد الصباح



أيها الأحباء.. الأحباء
يا أصدقاء الفكر.. والوجدان

سلام من الله عليكم..

منذ رحلة النبي ابراهيم الأولى في الملكوت.. عرفنا أن العلم هو السبيل إلى اليقين..
ويكفينا من شرف العلم.. أن نكون في حضرة الأستاذ الجليل في احتفالٍ متوجٍ بالوفاء ومعطّرٍ بروح الإكبار والاحترام..

تحتار الأقلام وهي تكتب عن أستاذ من أساتذة المدرسة المباركية
وأعجز عن تعداد إنجازاته وأنا في مقام الحديث عن دوره المميز.

ايها الاصدقاء
قد جئت لتكريمه عرفاناً يجب أن يُقدّم منه إليه.. فمن يساهم في صنع التاريخ، لن تنساه  الضمائر.
وكل وطن لايعرف قدر العلم.. ستبقى خارج حدود التاريخ
ايها الاصدقاء

إننا  في حضرة بهاء المعرفة وتجليات العقل.. وصلابة الإرادة.. ومجابهة المحال.. إذ يتجلى تاريخ الوطن المخبوء في قلب رجل.. عرفنا به وبأمثاله أن الوصول إلى الرفاهية يبدأ بالتعب والسهر والسفر..

لعالم مدّ جناح علمه على الضفاف وفي الأعماق.. داخل الوطن وخارجه..فجعل  للفكر مكان الصدارة في القلوب والأذهان..

كانت فكرة يوم الوفاء .. قبل مايقارب العقدين من الزمن ليكون تكريما لمبدعين في الوطن العربي أفنوا العمر في العطاء والعلم والإنتاج..

بدأنا الفكرة في عامها الأول بتكريم رجل التنوير في الكويت الاستاذ عبدالعزيز حسين.
ثم انطلقنا إلى المنارات العربية.. فكان تكريمنا التالي  لشاعر البحرين الكبير ابراهيم العريض
ثم الاستاذ نزار قباني في سوريا
د. ثروت عكاشة في مصر
ثم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل في المملكة العربية السعودية
ثم د.عبدالكريم غلاب في المغرب..
ثم الاستاذ غسان تويني في لبنان





أما هذا اليوم . . فهو يوم الوفاء لرجل هو أقرب إلى الظاهرة الفريدة..  كان دوما الأحق بالمحبة وبالتكريم.. والاحتفاء.. باتفاق الجميع

وتزامنا مع الاحتفائية قمنا في  دار سعاد الصباح بإصدار كتاب يرصد رحلة حياة  العجيري علما وعملا وفكرا.. بمشاركة كريمة من أقرب أصدقائه..
إننا نريد لهذا الاحتفال بعالم الكويت الجليل أن يأخذ أبعاده الحقيقية ورمزيته.. ومايعنيه ومايشير إليه

وإنني إذ أتشرف بتكريم الرجل الرمز.. أختار وهج فكره وإشعاع نتاجه الإنساني ليكون قدوة لنا، لشبابنا، لعلمائنا ..
فشكرا د. صالح العجيري.. فقد علمتنا مالم نعلم..

والسلام عليكم ورحمة الله.. 



يوم الوفاء للدكتور صالح العجيري - 30 مايو 2013
مكتبة الكويت الوطنية



الثلاثاء، 28 مايو 2013

روزنامة عمر


 بقلم: د. سعاد محمد الصباح




عندما تقف أمام بيت كبير متعدد الأبواب، لابد أن تفكر قليلاً لتتخذ القرار: من أي الأبواب تدخل..؟
وكذلك هو الوقوف أمام قامة إنسانية كبيرة مثل د. صالح محمد العجيري .. لابد للقلم أن يوقف نزف المداد قليلاً ليَعْبُر حيرة الاختيار: أي الجوانب نبدأ منها الحديث عن هذا الرجل العصامي الكبير الذي يحمل ملامح وتاريخ وطن صنعه تمازج ملح البحر برمل الصحراء ..؟
فمن فرادة هذا الرجل أن كل العلماء ينسبون أنفسهم إلى جامعات .. أو مدارس أو معاهد نالوا منها الشهادات، أمّا هو ظهر كشجرة مقدسة بلا مقومات واضحة لحياة علمية كبيرة في زمنه، فلم يحصل على شهادته من جامعة، ولم يتلق تعليماً من جهة عالمية، بل علّم نفسه بنفسه، قرأ، وبحث، وسافر، وتكبّد المشقة .. في سبيل المعرفة .. غايته الأسمى .

وعندما تضع التقارير الإخبارية التي تتناول الكويت صور: البحر، الأبراج، مجلس الأمة، قصر السيف، برج الاتصالات، كمعالم عن الكويت .. تغفل أن تضع صورة هذا الرجل .. النادر كمعلم مهم من معالم الكويت .. تتمثل في وجهه كويت الماضي, وصورته كويت الأحرار, وحضوره طيبة أرض الكويت، وبساطة أهلها، وتآلف قلوبهم ..
وإن لم تفعل التقارير الإخبارية ذلك، فإن تقارير التاريخ حتماً .. ستضع د. صالح العجيري في قائمة من صنعوا تاريخها الرائع الناصع.

وعندما كان الكويتيـون .. يختارون إما البـر أو البحـر .. لكسب الرزق، اختار د. صالح جهة ثالثة هي " السماء" ..   
فكأنه منذ البداية جعل علوم الفضاء .. تمهيداً لمعرفة علوم الأرض.
وما أنبل وأجمل وأروع أن تتعامل مع السماء .. مع غيمها، مطرها، نجومها، ليلها، هوائها .. عواصفها، ورعودها ..
فكأن العجيري الذي شكلته طينة الكويت .. كان للسماء أيضاً دور في تشكيل قلبه.. فتميز بما يميز العلماء .. من نقاء فطري، طهارة نفس، وروح مُحبَّة للجميع .. زاد على ذلك جمال حديثه، وفكاهة فكرته، وحضور بديهته ..
وما هذا التكريم إلا محاولة للتعبير عن الامتنان تجاه رجل كان دوماً ضيفاً على كل بيت ..
فهو بشارة كل عيد .. ومباركة كل رمضان ، وإطلالة كل ربيع ..
وإذا كانت الدول تكرم رجالها بوضع صورهم في طوابع البريد، فإننا منذ زمن طويل وضعنا روزنامته في صدارة بيوتنا .. واحترامه في صدارة قلوبنا ..
وبعد عدة سنوات من تكريم أعلام الفكر والعلم في العالم العربي ضمن "يوم الوفاء" الذي نكرّم فيه رموزنا الأحياء .. كنّا نفكر من سيكون بطل "يوم الوفاء" .. فنهض أمامنا وجه "أبو محمد" الطيب .. فاتفق الجميع على استحقاقه ..
تحية لك أيها الرجل النبيل..                                  
                      





الأحد، 26 مايو 2013

خذني إلى الفوضى والطفولة . .



                                     
إلى روح زوجي وصديق الزمن الجميل الشيخ عبدالله مبارك الصباح.. في ذكراه




                                              شعر : د. سعاد محمد الصباح
خُذْني إلى أنوثتي . .
خُذْني إلى حقيقتي
خذني لما وراء الوقت والأيَّامْ
خذني لما وراء البوح والكلامْ
فإنني أريدُ أن أنامْ . .
ما أجمل السُّكنى معكْ
على حدود الضوءِ والسَحَابْ
أو تحتَ جَفْنَيْ كلْمةٍ
أو دّفَّتَيْ كتَابْ
ما أجملَ الهُروُبَ في الفجر معكْ
من غير تفكير . . ولا خوفٍ . . ولا نَدَامَهْ
ياليتني أُقيمُ في صدرِكً . . كالحَمَاَمَهْ
وبَعْدَها فَلتقُمْ القيامَهْ!
ولْيبدأ الطُوفانْ . . !


يا أيُّها المسافرُ الليليُّ في الشفاهِ والأحداقْ
يا أيُّها الآكلُ من فواكه البحرِ . .
ومن حشائش الأعماقْ
خُذْني إلى المرافيء المجهولَهْ
خُذْني إلى الفوضى . . إلى الطُفُولَهْ . .
وخُذْ تراثي كلَّهُ . . وحِكمةَ القبيلهْ
يا أيُّها الزارِعُني شمساً على الآفاقْ
خُذْني إلى أيِّ مكانٍ شئتْ
خُذني إلى خلف حدودِ الوقتْ
فليس لي عقلٌ معك
وليس عنديِ موقفٌ آخُذهُ . . إلا معكْ
خُذني بلا ترددٍ
للهندِ . . أو للسنْدْ
فما أنا شاعرةٌ بالحرّْ
ولا أنا شاعرةٌ بالبردْ
ولا معي حقائبٌ . . ولا معي أوراقْ
وليس عندي وطنٌ أسكنُهُ إلا مَعَكْ
                                                       مارس 2013 / مجيف- فرنسا                                                            

الأربعاء، 22 مايو 2013

الكويت مكرمة بشاعرتها




بقلم: سمير عطا الله


كانت للكويت أسبقيات كثيرة بين إمارات الخليج العربي، التي كانت أولها تعدادا وثروة. ومن هذه الأسبقيات الاستقلال،

 والانضمام إلى منظومة الجامعة العربية. ثانيها الدستور. ثالثها البرلمان. وخارج الإطار السياسي كانت الكويت صحافة الخليج ومسرحه وشاشته الصغيرة وأولى محاولاته في السينما.
على أن أبرز الحضورات، في مقاييس الخليج والعرب تلك المرحلة، كان حضور المرأة، شاعرة وكاتبة وروائية وصحافية. ودخلت الكويتية البرلمان ثم الحكومة. وكانت أول سفيرة خليجية في الخارج من الكويت. وأول من غنّت التراث الشجي كانت سيدة بسيطة حفظت الكويت ودها وذكراها، هي عودة المهنا.
اليوم يكرم المنتدى الإعلامي الدكتورة سعاد الصباح، شخصية العام الثقافية. وفي تكريمها تكريم للمرأة الكويتية وسيدات العرب. إنها إحدى رائدات العمل الوطني وأبرز الشاعرات وأكثر من كرَّس حياته لدعم الثقافة في العالم العربي. خرجت سعاد الصباح من اكتفائية الجاه والثراء، لتعمل ناشرة، إلى جانب عملها كشاعرة ومؤلفة. وسعت إلى أن تكون دار النشر التي أنشأتها، أشبه بجمعية ثقافية تهتم بأعمال الأدباء في كل مكان. وكرمت الدار كل عام شخصية عربية مستحقة، سواء من أهل الخليج، مثل عبد العزيز حسين وإبراهيم العريض، أو من خارجه، مثل غسان تويني، الذي شرفتني برئاسة تحرير المجلد الذي أصدرته عنه.
اعتمدت سعاد الصباح في إدارة المؤسسة الراحل العزيز محمد خالد القطمة، وفي مصر الدكتور سعد الدين إبراهيم. ولا حاجة للقول إن الدار كانت تسعى إلى أن يربح المؤلف، لا الناشر. غير أن الغنى الثقافي الأول لم يكن في تشجيع الآخرين، بل في تفرغ الشاعرة الشخصي للتأليف ومتابعة الحركة الأدبية في كل العالم العربي. ولم يكن ذلك بلا خيبات، خصوصا خيبتها بالقضيتين اللتين أحبت أكثر من أي شيء آخر: فلسطين والعراق. فقد أفاقت ذات يوم لترى الجيش العراقي يحتل الكويت ومنظمة التحرير تؤيد الاحتلال. في لحظة مرَّ في ذاكرتها ما كتبت من شعر وما عرفت من أصدقاء ورموز. لكن المسؤولين ليسوا القضية.
سعت سعاد الصباح الناشرة إلى وضع الضوء على تاريخ الكويت، معتبرة أن هذه مساهمتها الأولى حيال البلد الذي أحبته كأكثر من أم. تأخرت الكويت في تكريم وجهها الشاعري الأول. وفي تكريمها تكريس الاعتبار للمرأة الكويتية التي كان سرها الحقيقي، كما هو خصوصا سر سعاد الصباح، وقوف الرجل إلى جانبها، راعيا ومشجعا ومجاهدا في سبيل الحقّين: حقها الإنساني وحقها الوطني. تحية، سيدتي أم مبارك.
سمير عطالله - الشرق الاوسط
الاحـد 18 جمـادى الثانى 1434 هـ 28 ابريل 2013 العدد 12570

الخميس، 16 مايو 2013

يابهجة العمر الجميل






أحبابي.. يا ورود الربيع..
         يابهجة العمر الجميل
       يا أحباب اللون..    ويا أحباب الله..
لعلها أجمل مناسباتي على الإطلاق..
ولعلها أنجح اسثمارات حياتي، أن أعقد صداقة مع الورود..
وأن أكون جزءا من قطرات مطر.. تهطل في المكان الصحيح وفي الزمن الصحيح.. لتؤسس لحقول قادمة من الفكر.. سيجني ثمرها هذا الوطن الكبير..
إننا أمام تحد كبير أيها الأحبة: إما أن نستسلم للهجوم الهائل الذي يحوّل الحياة إلى مجرد أرقام وملفات وأجهزة.. فيجرفنا إلى المادية الجافة .. أو أن نستعيد إنسياتنا وألق أرواحنا بالعودة إلى الفن والإبداع
وما هذه الجائزة إلا محاولة انتصار للإنسان.. وتأكيد على أن بلاد النفط.. قادرة على تصدير الورد..
وفقكم الله..
29 ابريل 2013



كلمة د. سعاد الصباح في افتتاح جائزة سعاد الصباح للطفل الخليجي المبدع


السبت، 11 مايو 2013

تكريم سعاد الصباح في يوم الأديب 2005


لوحة (حفر) من عمل الفنان محمود المغربي



مجلة (العربي) تكرّم سعاد الصباح
          شاركت مجلة (العربي) في حفل تكريم الشاعرة د.سعاد الصباح, الذي أقيم تحت رعاية وزير التربية, الرئيس الأعلى للجامعة د.رشيد الحمد, ونظّمه قسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة الكويت.
          وقدم رئيس تحرير مجلة (العربي) د. سليمان العسكري, لوحة تذكارية للشاعرة الكبيرة هدية للمحتفى بها, وتقديرًا للدور الحيوي والمهم, الذي ساهمت به عبر مسيرتها الإبداعية في خدمة الثقافة والفكر والإبداع العربي خلال سنوات طويلة, واعتزازًا بتجربة ثرية, شاركت بها د. سعاد الصباح كشاعرة وناشرة وداعمة لمنظمات المجتمع المدني.
          وعبر د. سليمان العسكري عن سعادته الشخصية, وسعادة مجلة (العربي) للمشاركة في تكريم الشاعرة الكبيرة, التي كان لها الكثير من البصمات الرائعة في الحياة الثقافية في الكويت ومنطقة الخليج ومعظم أرجاء الوطن العربي, وأشار في هذا الصدد إلى الدور البارز, الذي تقوم به الشاعرة من خلال دار سعاد الصباح, وعبر المسابقات السنوية, التي ساهمت حتى الآن في اكتشاف العديد من المواهب اللامعة في المجالات الإبداعية والعلمية, إضافة إلى ما تقدمه د.سعاد الصباح من مساهمات عبر كتاباتها في الاقتصاد والفكر والإبداع الشعري, قامت من خلالها بتحريك الساكن, وإعطاء دفقات متجددة من الحيوية للحياة الأدبية والفكرية العربية.
          وفي كلمتها, قالت د. سعاد الصباح: (عندما أدخل كلية الآداب في جامعة الكويت, أشعر بأن الدار داري, والأهل أهلي, ونوافذ القمر مفتوحة لاستقبالي, أحسّ هنا أن نبرة صوتي أكثر ارتفاعًا, وضربات قلبي أكثر اتساعًا, كما أحسّ بأن هذه القاعة أكثر حنانًا.
          والشاعر بحاجة دائمًا إلى جرعة حنان, بحاجة إلى مكان أليف, يكتظ بالحب والدفء الإنساني. في الجامعة يكبر قلبي, ويكبر قلب الشعر, هنا أشعر بأن مساحة الحرية بغير حدود, ومساحة الديمقراطية بغير حدود, ونحن الأدباء والشعراء قتلتنا الحدود.
          ثم إنني في جامعة الكويت, لا أقف في فراغ, إنما أقف على أرض العقل والمعرفة, واستند إلى جدار التاريخ والتراث والانتماء القومي, ومن هنا مصدر قوتي, لأنني أشعر بأنني ثابتة في الزمان والمكان.
          إنني قوية بالكويت: قيمها قيمي, وجراحها جراحي, وعافيتها عافيتي, وإيمانها بالله والعدل والحرية هو إيماني.
          وأنا مع الكويت في فرحها إذا فرحت, وفي غضبها إذا غضبت, وفي معاناتها إذا عانت.
          أنا معها في زمن الورود, كما أنا معها في زمن العاصفة.
          لقد أنعمت عليّ جامعات ودول ومؤسات بأوسمة ودروع, لكن تكريمكم لي له مذاق آخر, وله لون آخر, ورائحة تعبق من أرض الوطن, وتمتزج فيها نكهة البحر بحلاوة التمر, بعطر القهوة المرة, وأعواد البخور, إنها الرائحة الكويتية النادرة الدافئة, التي تخرج لنا حيث كنا.
          إنني أعلن في خشوع المؤمن, قبول هذا التكريم, الذي يشرفني ويملأ روحي بالعرفان نيابة عن ملايين النساء, اللواتي حاولت أن أكون الناطقة الرسمية باسمهن لأكثر من أربعين عامًا.
          باسمي - أيها الأصدقاء - وباسم الرجل, الذي رعاني وحماني وغمرني ببحر فروسيته, أهدي له باسمكم هذا التكريم, وأتقدم بشكري مفعمًا بالإكبار والعرفان لقسم اللغة العربية في كلية الآداب, وللمؤسسات والمنظمات والمنتديات, ولكل مَن شارك في تكويني وتكريمي.
          شكرًا على هذا التكريم المخضب بعطر الوفاء, شكرًا لكل مَن أطعمني من بيدر العلم قمحًا, شكرًا لكل مَن كساني بريش المعرفة, شكرًا لكل مَن قاسمني بساط الإنسانية.
          فأنا معكم أشعر بأنني أكثر ثباتًا, وأكثر شبابًا, وأفصح لسانًا, فكل احتفال وأنتم بخير.
          وكل عام والكتابة بخير, والشعر بخير والحرية بخير, ووطني بخير).
          وأثنى د. علي أحمد عتيقة في كلمة ألقاها نيابة عن رئيس منتدى الفكر العربي في الأردن, الأمير الحسن بن طلال, على نشاط د. سعاد الصباح الفكري المتميز من خلال عطائها من وقتها ومالها, دعمًا للفكر والأدب, ومساندة لكل عمل يهدف إلى التنمية ونشر ثقافة التقدم, واحترام حقوق الإنسان في الوطن العربي, فالدكتورة سعاد الصباح كانت دائمًا في مقدمة المتطوعين والمتبرعين بالجهد والمال, للمشاركة في كل ما يساعد على النهوض بالمواطن العربي, ويرفع من شأن الحضارة العربية الإسلامية, وليس أدل على ذلك من مشاركة د. سعاد الصباح  في نشاط منتدى الفكر العربي, ودعمها المتواصل لأهدافه وأعماله, فهي العضو البارز في مجلس الأمناء لأكثر من عقدين من الزمن, وقد استمر دعمها للمنتدى حتى في أوقات التوتر وسوء الفهم, لأنها تتمتع برؤية بعيدة المدى, وبالتزام أدبي وأخلاقي يجعلها تشعر بواجب المشاركة والعطاء, فهي أكبر وأسمى من كل ما من شأنه أن يعكر الأجواء بين المفكرين والأدباء في المحافل العربية الأهلية وغيرها.
          وعبّر د.عبدالعزيز حجازي, رئيس المركز الثقافي المصري عن سعادته بمشاركته في تكريم د. سعاد الصباح, وتناول إسهاماتها الأدبية والسياسية والاقتصادية, فضلاً عن ارتباطها الأدبي والمعنوي والمالي بمؤسسات الثقافة العربية, وقال:
          إن د. سعاد الصباح بهذا العطاء المتميز تمثل الفتاة, بل المرأة العربية, التي تتمسك بالتراث العربي والإسلامي الملتزم بالأخلاقيات والسماحة, فكم انطلقت بأشعارها تنادي بضرورة المحافظة على التقاليد والسلوكيات العربية الأصيلة دون جمود أو تعصب, ولكنها في الوقت نفسه, تدعو إلى الحداثة والاستمتاع بزينة الحياة الدنيا.
          وطالب د. حجازي بإيجاد ثورة ثقافية تدعو للسلام, وليس للتطرف, تدعو للتنمية على مستوى الوطن العربي كله, داعيًا د.سعاد الصباح أن تكون رائدتها, بشرط أن تعلي هذه الثقافة من عناصر الشورى والحكم الرشيد, وليس التسلط والتحكم, تعتمد على كل ما هو جديد وحديث من غير تمسك بالبيروقراطية الإدارية التي تعطل, حتى يمكن استعادة الدور الحضاري على المستوى الدولي.
          وألقت د.سعاد الصباح قصيدة بعنوان (فيتو على نون النسوة), قالت في المقطع الثاني منها:
يقولون
إن الكلام امتياز الرجال
فلا تنطقي!!
وإن التغزل فن الرجال
فلا تعشقي!!
وإن الكتابة بحر عميق المياه
فلا تغرقي
وهأنذا قد عشقت كثيرا
وهأنذا قد سبحت كثيرا
وقاومت كل البحار ولم أغرق
          وركزت د.نورية الرومي في كلمتها على الجوانب الإنسانية في شعر د.سعاد الصباح, ووصفت شعرها بأنه علامة بارزة في الحركة الشعرية الكويتية والعربية, وأنها احتلت موقعًا متقدمًا فيه, وأشار محمد فائق أمين عام المنظمة العربية لحقوق الإنسان إلى قيام د.سعاد الصباح مع مجموعة من أعضاء المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الكويت في مقدمها الأستاذ جاسم القطامي بتأسيس الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان, كفرع للمنظمة العربية في الكويت, وكانت بذلك أول جمعية لحقوق الإنسان في منطقة الخليج كلها, ومازالت هذه الجمعية تقوم بعمل رائد منذ ذلك الوقت, وتلعب دورًا مهمًا ومؤثرًا في الحركة العربية لحقوق الإنسان.
          واختتم فائق كلمته متوجهًا بقوله لسعاد الصباح: (جئت لأقول إنك أنجزت إنجازًا عظيمًا, ولكن الطريق مازال أمامنا طويلاً, فأمتنا في خطر عظيم, وقد أصبح الإصلاح ضرورة, وجوهر هذا الإصلاح, هو احترام حقوق الإنسان, إننا نحتاج إليك أكثر من أي وقت مضى, نحتاج إلى حكمتك, نحتاج إلى صدقك, نحتاج إلى حماسك).
          وقد شاركت اثنتان وثلاثون جهة كويتية في تكريم د.سعاد الصباح, منها: مجلة (العربي), مؤسسة الكويت للتقدم العلمي, لجنة مسلمي إفريقيا, الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية, النادي البحري الرياضي الكويتي, الأستاذة شيخة أحمد السنان, المعهد العالي للفنون المسرحية, نادي الفتاة, بيت الزكاة, جريدة القبس, وزارة الإعلام, مركز المخطوطات والتراث والوثائق الكويتية, لجنة ساعد أخاك المسلم, رابطة طلبة كلية الآداب, جامعة الكويت, رئيس مجلس الأمة - جاسم الخرافي, المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب, مؤسسة جائزة عبدالعزيز البابطين للإبداع الشعري, جمعية الخريجين, جمعية الرعاية الإسلامية, جمعية السلام النسائية, الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية, الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان, الجمعية الاقتصادية, جمعية الصحفيين الكويتية, الجمعية الثقافية النسائية, رابطة الاجتماعيين, رابطة الأدباء. فضلاً عن ثماني منظمات وجهات عربية.
          يذكر أن مجلة (العربي) سبق لها أن قامت بتكريم د.سعاد الصباح خلال الندوة, التي أقامتها في شهر ديسمبر من العام الماضي, والتي حملت عنوان (حوار المشارقة والمغاربة), تقديرًا لدورها في إثراء هذا الحوار.



مجلة العربي
يوليو 2005