الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

بناية حبٍّ... اسمُها الكويت


بناية حبٍّ... اسمُها الكويت


| د. سعاد الصباح |

تختلط في أعماقي للكويت، مشاعرُ الأمومة، بمشاعر الانتماء القومي، بمشاعر الزهو، والكبرياء، والثقة بالنفس.
فالكويت، هي قبل كل شيء رحمٌ تكوَّنا جميعاً داخل جدرانه الدافئة، وشجرة طيبة أكلنا منها أطيب الثمار. وبحر كريم أعطانا أغلى ما عنده من لآلئ.. وسقف حنون التجأنا إليه، فزودنا بالحب والسلام والطمأنينة.
إن الكويت، رغم شمسها الحارقة، وطقسها المغبر، ومناخها الصعب، تبقى في عيني جنة الجنّات... فالجنة حالة نفسية وعاطفية قبل أن تكون أي شيء آخر.
ذلك أن العلاقة بين الوطن وأبنائه... لا تقوم على نشرة الأرصاد الجوية... بقدر ما تقوم على التموّجات الفكرية والنفسية والعاطفية.
فالوطن، هو هذه الرائحة القوية التي تتمسك بثيابك، وحقائبك ، ومسامات جلدك، في أي مكان تكون فيه على سطح الكرة الأرضية.
أهم ما في الكويت في نظري، أنها بيت، بكل ما تعنيه كلمة البيت من دفءٍ، وأمان والتصاق بالأشياء...
وهي أيضاً مظلّة، بكل ما تعنيه كلمة المظلّة، من رعاية، وحماية، وإحساس بالأمان.
لكنَّ أهم ما في وطننا هو ناسُهُ الطيبون...
هو هذه الأيدي التي يمسك بعضها بعضاً...
هو هذه الشفاه التي تضحك معاً... وتبكي معاً...
هو هذه القلوب التي تنبض في وقت واحد، كقلوب العصافير، أمام كل حادثة وطنية أو إنسانية.
هو هذه الإرادة الشعبية الواحدة، أمام العواصف والأحداث الكبرى.
وباختصار، هو هذا الجدار القوي، الصامد أمام الرياح الهوجاء، وتحديات العصر.
هذه هي معجزتنا الكويتيّة...
فالكويت بناية ارتفعت بحجارة الحُبّ... وبسواعد الكويتيين، وعرَقهم، ودموعهم، وضوء عيونهم...
والبنايات التي تبنى بالحب... تزداد طوابقها ارتفاعاً مع الزمن... وتزداد أساساتها قوة ومتانة...
وكل ما أتمنّى لبلادي، أن تبقى دائماً وطناً للحب، والحرية، والتسامح..
وأن تتقدم نحو المستقبل، وهي مسلحةٌ بسلاح العلم، والمعرفة، والطموحات الكبرى.
إن الكويتيين القدامى الذين صارعوا البحر، وانتصروا عليه، يجب أن يكونوا قدوة للأجيال الكويتية الطالعة...
بحيث يستمر الحلم الكويتي الكبير، ويزداد مع الأيام توهجاً وإبداعاً ونضارة.


* من كتاب «كلمات... خارج حدود الزمن»

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق