الاثنين، 9 سبتمبر 2013

هم الإنسان في شعر سعاد الصباح .. بقلم: د. نورية الرومي





بقلم: أ. د. نورية الرومي


يحتفل قسم اللغة العربية سنوياً عبر لجنته الثقافية بيوم الأديب الكويتي تحت شعار يدل على دور المكّرم ومساهماته في إثراء الحركة الأدبية والثقافية في الكويت، وقد خُصّصت احتفالية هذا العام لتكريم الشاعرة د. سعاد الصباح تحت شعار (سعاد الصباح . . الإبداع في مواكب الثقافية العربية)

وشاركتنا من داخل الكويت في هذه الاحتفالية مؤسسات ومجالس وهيئات وجمعيات وروابط واتحادات ولجان . . مع مشاركة جهات وهيئات ومنظمات عربية من جمهورية مصر العربية، والجمهورية اللبنانية، وجمهورية اليمن الشعبية، والجمهورية الجزائرية، والمملكة المغربية، وصندوق تعليم الفلسطينيين ببيروت.
ذلك لأن الشاعرة سعاد الصباح امرأة استثنائية على أصعدة مختلفة .
فهي متنوعة المجالات، كثيرة الأنشطة على المستوى المحلي والعربي والعالمي مما جعل لها حضوراً عربياً، عالمياً لافتاً في مشاركاتها الفاعلة في الدفاع عن مبادئها الوطنية والقومية.
فقد حملت ـ عن مبدأ ثابت ـ الدفاع عن حق الإنسان العربي والإنسان في شتى بقاع العالم في المحافل والمنتديات الأدبية والفكرية العربية ذات الطابع الدولي، وهي بذلك لبنة من لبنات بناء صرح التنمية الثقافية والإنسانية، وهي أيضاً علامة بارزة من علامات الحركة الشعرية في الكويت والوطن العربي . . عبر دواوينها الشعرية العديدة التي مثلت بها مراحل تطور شعرها الفني والتي جسدت من خلاله قضايا إنسانية ووطنية وقومية. فشعرها قصيدة واحدة مجالاتها متآزرة في ملحمة شعرية موضوعها الإنسان، في مجمله، كان ذكراً أو أنثى، ولهذا فقد احتلت الشاعرة مواقع كثيرة في المجالس والمراكز والمؤسسات العلمية والثقافية على مستويات عديدة وامتدادات تاريخية طويلة متفاوته في أزمانها، ومختلفة في مواقعها، فحملت ولا تزال تحمل هم الإنسان ومعاناته في الداخل والخارج في عضوياتها في المجالس والهيئات، فكان الإنسان وحقوقه محور مؤلفاتها ونتاجها الشعري الذي جاء يمثل انعكاسات لمراحل تاريخية مرت بها الشاعرة في حياتها رصدت من خلالها حقباً تاريخية عربية وعالمية، جسدتها الدواوين الشعرية بتطور فني لها، من عام 1961 في ديوانها (ومضات باكرة) باكورة إنتاجها الشعري الأول إلى آخر دواوينها (القصيدة أنثى . . والأنثى قصيدة) عام 1999 وقد تنوعت قصائد الدواوين بين القصيدة العمودية الموحدة الـوزن والقافيـة، إلى قصيدة التفعيلة والشعر المنثـور والشعـر السردي
وبهذه القصائد استطاعت أن تعمق الإحساس بهم المثقف العربي بصور شتى، فاتجهت اتجاهاً واقعياً في مضمون الشعر في هذا الواقع، وإن صاغته بأسلوب رومانسي بعواطفها المركزة وخيالها الحاد الذي قد يبعدها في عالمها المثالي عن ملامسة هذا الواقع الذي قد يكون مريراً لديها . . ففي حلمها الرومانسي للواقع العربي والإنساني تتخطى قصائدها الأمكنة المادية وتتجاوز الأزمنة الواقعية في فضاء النص الذي قد يتلقفه المتلقي بدلالات تبعاً لثقافته النقدية ورؤيته الإبداعية ليسبح بعد ذلك في فضاء التحليل به لسبر أعماقه واكتشاف درره وكنوزه المخبأة فيه، في إيقاع تتوحد فيه رؤى الشاعرة الفلسفية والسياسية والاجتماعية مع رؤى المتلقي ليعزف الايقاعان معاً سيمفونية النص والتلقي، ليتحول الإبداع الشعري مع الإبداع النقدي إلى ( نصّ على نصّ ).
والمرأة قضية سعاد الصباح الأولى . . حملتها في دواوينها المختلفة حملاً تنويرياً، ويمكن أن نستخلص من قصائدها سجلاً حافلاً لتاريخ المرأة العربية وآلامها الدفينة، وصراعها مع التقاليد ومع الآخر الرجل السيد.

فهو كفاحها من أجل إثبات الذات أولاً، وحقوقها المسلوبة أولاً وأخيراً . .
فإيقاعها الشعري كان إيقاعاً أنثوياً، وخطابها بهذا الشعر جاء بالتأنيث مراراً وتكراراً إلى أن وصل إلى الخطاب السردي في أسلوبه والحكائي في حواراته المتواصلة، وثورته في حالة الحب، وانفجاراته في براكين العشق.
سعاد الصباح امرأة استثنائية، وخطابها الشعري مستمد من معجم عصري وبنيته تراكمية تراكبية في تكرار أحياناً يعّمق احساسها الحاد بالحيرة والصراع، واحياناً أخرى بتساؤلات تتردد بصور كثيرة لافتة لتضاعف خطابها الشعري، وقد تصرخ الشاعرة بنداءات تستحضر الماضي لتقابله بالواقع الحالي في تقابلات ومفارقات مدهشة تجعل من الطبيعة متلونة لتلون التقابلات والمفارقات في شعرها، وقد عكس ذلك كله صورها الشعرية تارة، وفي تارات كثيرة تقابل سعاد الصباح بين الأنا الذات والآخر في قصائدها فمثلت بهما لوحات شعرية نستشف منها تقاطعات وتوازيات.
لهذه الأسباب كلها، ولغيرها ـ حضورنا الكريم ـ كُرِّمت الشاعرة سعاد الصباح تحت شعار ( الإبداع في مواكب الثقافة العربية)
الحضور الكريم . . حيوا معي هذا المساء المحتفى بها في هذه الاحتفالية السنوية لقسم اللغة العربية وآدابها بيوم الأديب الكويتي الدكتورة سعاد الصباح . .

وفي الختام أتقدم بالأصالة عن نفسي ونيابة عن زملائي وزميلاتي في قسم اللغة العربية واللجنة الثقافية وكلية الآداب وجامعة الكويت ودولة الكويت حكومة وشعباً إلى راعي هذا الحفل معالي وزير التربية ووزير التعليم العالي الرئيس الأعلى للجامعة د. رشيد الحمد، لرعايته لهذا الحفل وإلى الأستاذ الدكتور نادر الجلاّل مدير جامعة الكويت لنيابته عن معالي الوزير في الرعاية. 











كلمة ألقتها أ.د. نورية الرومي مقررة اللجنة الثقافية – بقسم اللغة العربية في جامعة الكويت بمناسبة تكريم د. سعاد الصباح من قبل كلية الآداب بمناسبة يوم الأديب عام 2005






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق