الأحد، 21 أكتوبر 2012

الأطفال هم صناعة المستقبل

الأطفال هم صناعة المستقبل

د. سعاد الصباح
د. سعاد الصباح
| د. سعاد الصباح |

عندما يحتفل العالم بعيد الطفولة، فهو يحتفل بواحد من أجمل أعياده، وأغناها بالمعاني والدلالات.
فالطفولة، هي هذه الأرض الطيبة، التي يمكننا أن نزرع فيها كل الأحلام المستحيلة التحقيق.
إنها المنجم الأسطوري، الذي نستخرج منه الذهب، والفضة، وملايين الأحجار الكريمة.
الطفولة هي صناعة المستقبل والشعوب التي لا تهتم بصناعة أطفالها لا مستقبل لها.
الأطفال هم الخيول الرابحة في سباق المسافات الطويلة، وهم الاستثمار البشري والثقافي والحضاري العظيم الذي يتفوق في مردوده على كل الاستثمارات الاقتصادية.
ازرع طفلاً صحيح الجسد والروح، وخذ وطناً صحيح الجسد والروح.
هذه هي المعادلة التي يجب أن نضعها دائماً أمامنا...
إن خريطة الطفولة في العالم، ليست خريطة سعيدة، ففي هذا العالم المتفجر يدفع الأطفال ثمن سباقات الكبار... وثمن صراعاتهم، وحروبهم الساخنة والباردة.
وإذا كان أطفال الشمال لا يزالون قادرين على الحصول على زجاجة الحليب، وكوب الكاكاو، وقطعة الخبز كل صباح، فإن ملايين الأطفال في جنوب آسيا، وفي أفريقيا، وفي فيتنام، وبنغلاديش، والسودان يأكلون من جلودهم ومن هياكلهم العظمية.
إننا لا نحسد الطفل السويدي، أو الدنماركي، أو السويسري على وزنه الزائد... ولكننا نريد بالمقابل أن يزيد وزن الطفل المصري، والسوداني، والصومالي، والهندي، والباكستاني، والفلسطيني، واللبناني.
وبالتالي، نريد أن تكون خارطة الطفولة في العالم، جنوبه وشماله، خارطة عادلة وإنسانية ومتوازنة...
ثم إننا لا نستطيع ونحن نحتفل بيوم الطفولة أن ننسى الأطفال العرب في فلسطين المحتلة، الذين تحاصرهم قوات الاحتلال الصهيونية في مخيماتهم في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتقتلهم كالعصافير بطلقات الرصاص البلاستيكي... وتمارس عليهم أبشع أساليب التعذيب والتجويع والقمع.
أما ما يعانيه أطفال العرب في الحروب العبثية التي تدور تارة في فلسطين، وتارة في السودان، وتارة في العراق، وتارة في اليمن، فقد تجاوز حدود العقل، ليصبح هجمة بربرية... على الحياة والأحياء. إن الأطفال يعيشون بين القذيفة والقذيفة... والرصاصة والرصاصة... فلا مدرسة يذهبون إليها... ولا كتاب يقرأون فيه، ولا حديقة يتنزهون فيها، إن مشوارهم الوحيد هو بين أرحام أمهاتهم... وبين المقبرة.
إنني لا أستطيع أن أكتب عن الطفولة، دون أن تفيض مدامعي حزناً على بعض الأطفال العرب الذين لا يعرفون ما هي الطفولة.. ولم يروا في حياتهم شجرة... وبحراً... وعصفوراً... ولم ينعموا في عيد ميلادهم بلعبة يلعبون بها كبقية الأطفال. إن يوم الطفولة يجب أن يكون يوماً لجميع أطفال العالم دون تفريق في اللون أو الجنس أو المنطقة الجغرافية.
هكذا أفهم عيد الطفولة.
إذ ليس من العدل في شيء أن ينام الطفل الشمالي على سرير من القطيفة... وينام الطفل الجنوبي على سرير من البكاء... كما ليس من العدل أن يأكل الطفل الأوروبي فطيرة محشوة بالتفاح... ويأكل الطفل العربي فطيرة محشوة بالجراح.

* من كتاب «كلمات... خارج حدود الزمن» صدر حديثا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق