الأربعاء، 13 يونيو 2012

مثقف يشعر بالوحدة.. في وطن يشعر بالكآبة!





بقلـــم: ســعاد الصبـــاح

يشعر المثقف عموماً بمسؤولة إحداث التغيير في مجتمعه، وهذا الشعور يضعه نفسياً في مأزق، إذ المسافة بين شعوره وبين الواقع شاسعة، لأنه يدرك بالتجربة أنه عاجز عن تحقيق حلمه بالتغيير نحو الأفضل. ويزيد - شعوره بالعجز- من إحباطه، لكن الإحباط لا يوصله إلى اختيار الانتحار إلا في حالات نادرة، كمثل التي نعرف عن قلائل من المثقفين العرب، يشكلون النسبة الأدنى بين مرتكبي اغتيال الذات.

وفي فهم بسيط نعرف أن المثقف يحمل هموم مجتمعه، ويعتقد أنه مسؤول عن إزاحة الظلم المحيق بالإنسان، وإحساسه هذا يجعل تصوره لدوره شديد الأثر في تكوينه النفسي.
 لقد تحول واقع مجتمعاتنا إلى مصدر للكآبة الدائمة بسبب التفاوت في الفرص، وانتشار القيمة الفكرية التي تأخذ مجتمعاتنا إلى التخلف في شتى مناحي الحياة وتباعد بيننا وبين العصر وأحلام التقدم التي تسقط أمام هذه الهجمة الطاحنة.

شعـور المثقـف بأنـه يقـف وحيــداً ، يزيـــد مـــن احساســــــه بالكآبة، خاصة مع انعدام الوسائل الفعالة لممارسة الدور الذي يتمناه لنفسه تجاه قضايا مجتمعه.
 فالهيئات الناظمة للمثقفين العرب تقع في قبضة السلطة في معظم المجتمعات العربية وبالتالي تفقد قدرتها على احتضان الحلم، فكيف بتحقيقه .   
  
إن معظم الهيئات والمؤسسات والاتحادات التي قامت لتضم المثقفين قد بدأت أو انتهت لتصبح واجهات حكومية، رغم خروج بعض الأصوات الرافضة لهذا الواقع، والتي تنتهي عادة بمغادرة المثقف الحر لموقعه ضمنها، فيعود إلى وحدانيته التي تصور أنه قد نجا منها وهذه الوحدانية المولدة للكآبة تجعل المثقف يقع ضحية أفكاره، بما يشبه الانتحار اليومي المستمر، والذي يصل لدى قليلين إلى ذروة التخلي عن جدوى البقاء فيكون الانتحار!.
إلا أن انتحار المثقف يثير الاهتمام بسبب شخصية المنتحر، رغم أن مئات الحالات المماثلة تذهب إلى الإهمال والنسيان لعدم وجود أصحابها تحت بقع الضوء التي تهتم بها وسائل الإعلام، وتبحث لها عن المبررات وعن التفاصيل المثيرة التي رافقت الحدث.
و الانتحار ليس الصيغــة التي يمكــن أن تـــؤدي إلى أي تغييــر، وأحسب أن هنـــاك عوامــل ذاتيـــــــــــــة غيــــــر متصــلة بالحــالة الثقافيـــــــة، تقــــف وراء بعــض حـــــالات الانتحار، والتي لا يمكن حصرها بالوعي والإحباط فحسب. ولعل ثقافة الانتحار تلعب دوراً أساسياً في هذا الاختيار، كما هي الحال في اليابان التي بلغ عدد المنتحرين فيها عام 2006 أكثر من اثنين وثلاثين ألفاً .    

 ======

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق