الخميس، 28 فبراير 2013

القصيدة السّودَاء







1
كم غيَّرتني الحربُ..ياصديقي
كم غيَّرتْ طبيعتي
وغيَّرت أنوثتي
وبعثرت في داخلي الأشياءْ
فلا الحوارُ ممكنٌ
ولاالصراخُ مُمكنٌ
ولا الجنونُ ممكنٌ
فنحن محبوسانِ ِ في قارورةِ البكاءْ...

2
قد كسرتني الحربُ ياصديقي
ولخبطتْ خرائط الوجدان
وحطَّمتْ بوصلة القلب،
فلا زَرْعٌ..
ولا ضَرْعٌ..
ولاعُشبٌ..
ولا ماءٌ..
ولا دفءٌ..
ولاحنانْ..
قد شوَّهتني الحرب ُ ياصديقي
والحربُ كم تُشَوِّهُ الإنسانْ..
فهل هناك فرصة ٌ أخرى..لكي تُحِبَّتي؟
وليس في عينيَّ إلا مَطَرُ الأحزان...

3
ياسيَّدي:
ماعدتُ بعد الحربِ..أدري منْ أنا؟..
أقِطَّة ٌجريحة ٌ؟
أم نجمة ٌ ضائعة ٌ؟
أم دمعة ٌ خرساءْ؟
أم مركبٌ مِنْ ورق ٍ
تَمْضُغُهُ الأنواءْ؟
أين تُرَى سنلتقي؟
وبيننا مدائن محروقة ٌ
وأمَّة ٌ مسحوقة ٌ..
وبيننا داحِسُ والغَبْراءْ...
فهل هناك فرصة ٌ أخرى
لكيْ تُحبنَّي..
من بعد ما حوَّلني الحزنُ إلى أجزاءْ..
قد سرقتني الحربُ مِنْ طفولتي
واغتالتْ ابتسامتي..
ومزَّقتْ براءتي
واقتلعتُ أشجاريَ الخضراءْ...
فلا أنا بقيتُ من فصيلةِ النساءْ..
فمن ترى يُقنِعُني؟
أنَّ السماءَ لم تَزَلْ زرقاءْ؟
وأنّنا..
في زمن ِ التلوُّث الروحيِّ..
والفكريّ..
والقوميِّ..
يمكن أن تظلَّ أصدقاءْ؟؟

4
ياسيِّدي:
لستُ أنا جزبرةً السَّلاَمْ
ولاأنا الأنثى التي كان على أجْفانها
يستوطِنُ الحَمَامْ..
ولا أنا..
نافورةْ الماء..
وسيمفونيَّةُ الرُّخامْ...
ياسيِّدي:
قد يَبسَ العُشْبُ على شفاهِنَا
وانكسَرَ الكلامْ..
فكيف نسترجعُ أيامَ الهوى؟
ونحنُ مدفونانِ..
تحت الوحل ِ والرُّكُامْ...

5
ياسيِّدي:
أنا التي غيرُ التي تعرفُها
ذاكرتي مثقوبةٌ
فلا التَّواريخُ على جدرانها باقية ٌ
ولا العناوينُ...
ولا الوجوهُ..
والأسماءْ..
أين ترى نذهبُ ، ياصديقي؟.
وما هناكَ بوصة ٌ واحدة ٌ نملكُها
في عالم ِ الارض ِ ،
ولا في عالم ِ السّماءْ...
وماالذي نفعلُ في بلادِ
يَصْطَفُّ فيها الناسُ بالطابور ِ..
كي يَسْتَنشِقُوا الهواءْ!!

6
ياسيِّدي:
لكم ْ أنا أشعُرُ بالإحباطِ،
والدُّوار..
والإعياءْ..
فلا تؤاخذني على كآبتي
إذا قرأتَ هذه القصيدةَ السَّوْداءْ...


من ديوان : ( امرأة بلاسواحل )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق