الثلاثاء، 5 فبراير 2013

يقولون



 
د.سعاد الصباح
http://www.abdallah-y.com/uploads/images/admin_s-%20sabah.jpg

المقطع الأول:
يقولون : إنّ الكتابة إثم عظيمٌ
فلا تكتبي
وإنّ الصلاةََ أمام الحروف حرامٌ
فلا تقربي
وإنَ مِدادَ القصائد سُمٌّ
فإيّاك أن تشربي
وهأنذا
قد شربتُ كثيراً
فلم أتسمَّمم بحبر الدواةِ على مكتبي

تعبُّر الشاعرةُ في هذا المقطع عن مشاعرها وخواطرها الذاتية وتبيّنُ أنَّ نظْمَها الشعر هو تعبير عن ذاتها ومشاعرها ، لكنَّ الرجالَ يرونه ذنباً لا يُغتفَر ، كما يرونَ قراءة الشعر مُحرَّمةً على المرأة ولكن الشاعرة تحدَّتْ ونظمتِ الشعرَ فلم يصبْها ما يزعم الرجال .

المقطع الثاني:
يقولون إنَ الكلامَ امتيازُ الرجال
فلا تنطقي
وإنّ الكتابة بحرٌ عميقُ المياهِ
فلا تغرقي
وهأنذا قد سَبحتُ كثيراً
وقاومتُ كلَّ البحار .... ولم أَغرقِ

تبيّين الشاعرة مزاعم الرجال التي تقول : إن التعبير عن حرية القول هو امتياز الرجال ، ولكنها ترى أن حريةَ القولِ لاتقتصرُ علىالرجال فقد مارستِ الحريةَ قولاً وكتابةً وخاضت في كل التيارات فلم تتأثر .

المقطع الثالث:
يقولون إني كسْرتُ بشعري جدارَ الفضيلة 
وإنّ الرجالَ هم الشعراء
وأسأل نفسي :
لماذا يُقيمون .... هذا الجدارَ الخُرافيِّ 
بين الحقول ... وبين الشجر
وبين الغيوم ... وبين المطر
وما بين أنثى الغزال ... وأنثى الذكر ؟
ومن قال : للشعرِ جنسٌ 
وللنثر جنسٌ 
وللفكر جنسٌ ؟ 
ومن قال إنّ الطبيعة 
ترفضُ صوت الطيور الجميلة ؟

وتتابع الشاعرةُ عرضَ مزاعمِِ الرجالِ فهم يرون أنَّ المرأة بما تكتبه تحطّمُ الأخلاق وتشوّهُ جدارَ الفضيلة . ولكنَّ الشاعرةَ لاترى فرقاً بين الذكر والأنثى في هذه الحياة فعالَمُ الطبيعة يكذّب مزاعم الرجال هذه وبالتالي فليس للشعر ولا للفكر ولا للأدبِ طبيعة جنسية والطبيعةُ نفسُها ترحب بكل صوتٍ جميل .

المقطع الرابع:
يقولون : إنّي كسرْتُ رُخامة قبري 
وهذا صحيح ...
وإنّي ذبحتُ خفافيش عصري
وهذا صحيح ...
وإنّي اقتلعْتُ جذور النفاق بشعري
وحطّمت عصر الصفيح 
فإن جرّحوني
فأجملُ ما في الوجود ... غزالٌ جريح 

لقد حطمتِ الشاعرة العاداتِ والتقاليدِ البالية وقضت على حياة الخداع التي تحيطُ بها نفسَها . فإذا ما تعرضت للنقد من معارضيها فإنَّ هذا النقد سيزيدها جمالاً ولن يؤثر على إرادتها في مواصلةِ المعركةِ النضاليةِ التحررية .

الفكر : 
يتضمّنُ النصُّ الفكرَ الآتية :
1
ـ ممارسة المرأة حرية القول والتعبير .
2
ـ حجج المرأة في الدفاع عن حقوقها .
3
ـ افتخار الشاعرة بنجاحها في تحدي المجتمع المتخلف . 

الأسلوب اللفظي :
الألفاظ : 
مأنوسة (الحروف) ـ موحية (قاومت) ـ مشحونة بعاطفة حارة (مكتبي) ـ
رامزة (الصفيح ـ خفافيش)
التراكيب : 
واضحة ، معبرة (فلا تنطقي ـ قاومت كل البحار) ـ قصيرة يبدو عليها انفعال الشاعرة
(
إني كسرت رخامة قبري) 
ـ تتراوح بين الإنشاء والخبر فمن الإنشاء (لماذا يُقيمون هذا الجدارَ الخرافيِّ ؟)
ومن الخبر (قاومت كل البحار)

العاطفة :
عاطفة اجتماعية تبرز فيها :
1
ـ مشاعر الاعتزاز بالذات في النصّ كله 
2
ـ مشاعر النقمة والسخط على المجتمع المتخلف (إن الكلام امتياز الرجال)
3
ـ مشاعر تحدي (قاومت كل البحار فلم أغرق)

4
ـ مشاعر الغضب على الرجال (ذبحت خفافيش)

الدراسة البلاغية :
المعاني : 
زاوجت بين الخبر والإنشاء فالخبر مثل (إنَّ الكتابة إثم عظيم) وهو خبر طلبي لأنه مؤكد بإنَّ، والإنشاء مثل (فلا تقربي) وهو إنشاء طلبي بالنهي .
البيان : 
التشبيه البليغ في (مداد القصائد سم) والكناية في (قاومت كل البحار) 
وهي كناية عن الأعداء وهناك الاستعارة المكنية في (اقتلعت جذور النفاق)

المذهب الأدبي :
النصّ من الشعرِ الإبداعي الذي يصور ثورة المرأة على التقاليد البالية وتحطيم الحواجز بينها وبين الرجل . وتُبرز فيه امتزاج الشاعرةِ بالطبيعة ، وعمقُ معاناتها وصدقها في التعبير وبروزَ ذاتيتها
(
شربتُ - مكتبي) ، والصور المبتكرة (الجدار الخرافي)

الموسيقا :
استخدمت الشاعرة شعر التفعيلة وبنت قصيدتها على تفعيلة البحر المتقارب (فعولن) التي تحمل في موسيقاها الحدة والانفعال فتحقق الانسجام بين التفعيلة وأعماق الشاعرة للتعبير عن تدفق هذه المشاعر . 
وقد ساعدها على هذا الانسجام تنوع القوافي في المقطع الواحد .

الإعراب :
إثمٌ : خبر إنَّ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة
تكتبي : فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والياء ضمير متصل في محل رفع فاعل 
حرام : خبر إنَّ مرفوع بالضمة
إياكِ : ضمير نصب منفصل مبني على الكسر في محل نصب مفعول به لفعل نُحذِّر
كثيراً : نائب مفعول مطلق منصوب وعلامة نصبه الفتحة 
هأنذا : الهاء للتنبيه أنا : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ ذا اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع خبر 
جدارَ : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة
(
هم الشعراء) في محل رفع خبر إنَّ
الجدارَ : بدل من اسم الإشارة منصوب وعلامة نصبه الفتحة
(
ترفض) في محل رفع خبر إنَّ 
(
إني كسرت) في محل نصب مفعول به مقول القول
(
فأجملُ ... جريحٌ) في محل جزم جواب شرط جازم ومقترن بالفاء
أجمل : مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة
جريحٌ : صفة مرفوعة وعلامة رفعها الضمة الظاهرة
من هي الشاعرة سعاد الصباح؟؟؟
نبذة عن الشاعرة 
الدكتورة سعاد الصباح شاعرة و كاتبة و ناقدة ولدت في مايو عام 1942 , و هي الابنة البكر لوالدها الشيخ محمد الصباح الذي حمل اسم جده الشيخ (محمدالصباح) حاكم الكويت, وفي عام 1973 حصلت على البكالوريوس في الاقتصاد مع مرتبة الشرف من كلية الاقتصاد جامعة القاهرة, ثم حصلت على الماجستير من بريطانيا و موضوع الرسالة التنمية و التخطيط في دولة الكويت، ثم حصلت على الدكتوراه في الاقتصاد و العلوم السياسية من جامعة ساري جلفورد بالمملكة المتحدة وهي أول كويتية نالت الدكتوراه في الاقتصاد باللغة الإنجليزية و قد تم ترجمتها للعربية، وهي عضو مجلس الأعضاء لمؤسسة التعاون بجنيف، وعضو مؤسس للمؤسسة الثقافية العربية بلندن، و عضو جمعية الصحافيين و الخريجين الكويتية، عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة العالمية للنساء المسلمات لجنوب شرق آسيا، و عضو الاتحاد العالمي لاقتصاديات الطاقة، و عضو مجلس الأمناء و اللجنة التنفيذية لمنتدى الفكر العربي في عمان، عضو مجلس الأمناء بمركز الدراسات العبرية - جامعة اليرموك، وعضو مؤسس للمجلس العربي للطفولة و التنمية بالقاهرة، عضو جمعية علم الاجتماع بتونس، و عضو المجلس الاستشاري للاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة بلندن، رئيسة شرف لجمعية بيادر النسائية الكويتية الأمريكية - الكويت، و رئيسة فخرية لمركز الإبداع العلمي - البحرين، منحت درجة الزمالة من كلية سانت كاترين بجامعة أكسفورد، أسست دار سعاد الصباح للنشر و التوزيع.



موقع عبدالله يوسف التعليمي
http://www.abdallah-y.com/modules/xfsection/article.php?articleid=62

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق