الخميس، 18 سبتمبر 2014

بيروت كانت وردةً . . . و أصبحت قضيهْ - شعر: د. سعاد الصباح






1

بيروتُ . يا قصيدةَ القصائدْ .
يا وردةَ البحرِ .. و يا جزيرةَ الأحلامْ
يا عمريَ الجميلَ مكتوباً
على الرّمالِ , و الأصدافِ و الغَمَامْ
و يا مكاتيبَ الهوى ينقُلها الحَمَامْ . . .
يا شَعْريَ الطويلَ مَنثوراً
على ( الرَوْشَةِ ) . . . و ( اليَرْزَةِ ) ...
و الأشرعةِ البيضاءْ . .
يا فَرَحي كطفلةٍ ضائعَةِ في ( شارِعِ الحمراءْ ) !! .  .




2

آتي من الكويتِ . . .
مثلَ نخلةٍ مُتعبةٍ تريدُ أن تنامْ . .
آتي إلى البيتِ الذي من خُبزِهِ أطْعَمَني
آتي إلى الثّدْي الذي أرْضَعَني .
آتي لكم مُشتاقَةً
كي أشكرَ الحرفَ الذي ثقَّفني ..
و أشكرَ البحرَ
الذي :
إلى حدود الشمْسِ قد أطْلَقَني . . .,












3

أبحثُ في بيروتَ . .
عن لونِ عينيَّ و طُولِ قامتي .
أبحثُ عن عمري . . و عن ذاكرتي .
أبحثُ عن رسائلي الأولى . . .
و عن علاقتي الأولى . .
و عن وعودي الأولى . .
و عن قصائدِ الحُبّ الذي ترفُضُها قبيلتي . . .



4

آتي إلى بيروتَ
كي أَلقى صديقي البَحرْ
آتي لكي ألقى صديقي الشِّعر
فعندما تغيبُ بيروتُ
فلا قصيدةً جميلةً نقرؤها
أو قطعةً من نثْرْ.
و عندما تغيبُ بيروتُ عن العينِ
يغيبُ العمْر .





5

أبحثُ في بيروت . .
عن أشيائي الأولى التي تركتُها في غُرفتي . .
عن كُتُبِ الشّعرِ التي تبكي على مكتبتي . .
أبحثُ عن أمطارِ أيلولَ . . و عنْ مظلتي ..
عن قِصَصِ الحُبِّ التي خبّأنتُها بالسرِّ في حَقيبَتي . .
فَمنْ تُرى يُعيدُ لي طُفولتي ؟ . .
و مَنْ تُرى يُعيدُ لي ذاكرتي ؟ . .






6

آتي إلى بيروت . .
كي أبحثَ عن حبّي . . و عن أحبَّتي
أبحثُ عن ( ترويقةِ ) الفُولِ لدى ( مَرُّوشْ )
عن باعةِ القهوةِ في الكورنيشِ
عن ( منقوشةِ الزعترِ ) . . عن جريدتي . . .





7


بيروتُ , يا شفَّافةَ العينينِ . .
يا لؤلؤةً بَحْريَّهْ
يا مُهرةً تَصهلُ في مَلاعَبِ الحريَّة . .
يا وردةً قد تركتْ أوراقَها . . و عِطرَها . . .
و أصبَحتْ قضيَّه !! . .




8

آتي إلى بيروت . .
كي أبحثَ عن كرَّاسةِ الشِّعْر
التي خَرْبَشْتُها في سالفِ الأيَّامْ
أبحثُ عن دفاتري
في وطنٍ قد صادرَ الأوراقَ , الأفكارَ , الأقلامْ . .
أبحثُ في بيروتَ عن كلامْ
أقُولُه , في وطنٍ يُحرِّمُ الكلامْ
يُحرِّمُ الحبَّ على أنواعِهِ . .
يُحرِّمُ الشِّعْرَ على أنواعِهِ . .
يُحرِّمُ الصلاةَ و الصِّيامْ !! . .










9




أبحثُ في بيروتَ
عن حريّةِ الحُبِّ ... و عن حرّيّتي
فليسَ من مدينةٍ تَليقُ بالشِّعرِ
سوى بيروتْ . .
و ليسَ من مدينةٍ تَليقُ بالحُبِّ
سوى بيروتْ
و ليسَ من مدينةٍ تُشْبِهُني
من مُدُنِ الدُّنيا , سوى بيروتْ . . .





10


ما أروعَ الأيَّام في ( شتُورةٍ )
و ( زَحْلةٍ ) . .
حيثُ رنينُ الكاسِ لا يَنامْ
و أعينُ العُشَّاقِ لا تنامْ
 الشِّعرُ حتى الفجرِ لا ينامْ
يا ليتني مثلَ العصافيرِ التي
تشتاقُ كلِّ لحظةٍ إلى بلاد الشامْ !! . .




11

أُحِسُّ في بيروتَ . .  أنّي امرأةٌ ثانيةٌ
في ذلك العصرِ الرّجوليِّ الذي
صادَرَ عقلي مرَّةً . . .
و مرّةً أُنوثتي . .
آتي إلى بيروتَ . . كي أحيا ليومٍ واحدٍ
و ألتَقي حُرّيّتي . .








12



آتي إليكِ اليومَ , يا بـيروت
هاربةً من قلقي النفسِيِّ . .
من تَوَجُّعي القوميِّ . .
من أُكذوبةِ السَّلامْ . .
آتي من التخلُّفِ الكبيرِ . .
و التَّشَرذُمِ الكبير . .
و التَّناثُرِ الكبيرِ . .
آتي إليكِ من ثقافةِ الشراءِ , و البَيْعِ . .
و من مُثّقفي الظَّلام !! . .




13

آتي إليكِ اليومَ , يا بيروتْ
أمشي على حقلٍ من الألغامْ
هاربةً من مدنٍ قد أحرقتْ تاريخَها . .
و طَلَّقَتْ مبادئ العروبَهْ
و طََلَّقَتْ مبادئَ الإسلامْ . .






14


آتي إلى الجَنوبِ
حيثُ الأرضُ تُنبِتُ الليمونَ , و الزيتونَ ,
و الأبطالْ
و تُنْبِتُ العزّةَ . . و النَّخْوةَ . . و الرِّجالْ . . .
آتي إلى الجَنُوبِ
كي أُقبِّلَ السُّيُوفَ , و الخيولَ , و النِّصالْ . .
و في فمي سؤالْ :
هل أصبحَ الجَنُوبُ وحدَه . . . قاعدةَ النِّضالْ ؟






 من ديوان: خذني إلى حدود الشمس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق