الخميس، 18 سبتمبر 2014

أعتذرُ لك . . . شعر: د. سعاد الصباح

    



1


أعتذِرُ لكَ يا سيّدي . .
أعتذِرُ لكَ يا سيّدي . .

أعتذِرُ لكَ . . من أعماقِ القلب ,
و من تشقّقات الفكر ,
عن الزّمنِ الضائع . . .
الذي لم تكُن فيه حبيبي
أعتَذر لَك عن الصّيْفِ و الشّتاءْ
و عن الخريفِ و الرّبيعْ
و عن كلِّ جزءٍ من أجزاءِ الثانيَة ...
لمْ أُخبئك به تحت أجفاني
و لم أسقِكَ من حليِبِ حناني .




2

أعتذِرُ لكَ يا سيّدي . .
أعتذِرُ لكَ عن طفولتي ,
التي مرّت بلا لونٍ .. ولا طعمٍ ... ولا رائحة ...
فلا قرأتُ خطوط يديكَ جيّداً
و لا استوعبتُ رائحةَ شجاعتِكَ جيّداً
أعتَذرُ ... عن أيّامي التي لم تكُن أيّاماً ,
و تاريخي . . الذي لم يكُن تاريخاً . . .
و حدائقي . . التي كانتْ لا تُزهِر . . .
و سمائـي . . التي كانت لا تُمطِر . . .






3


أعتذِرُ لكَ يا سيّدي . .
عَن مئَةِ عامٍ من العزلة ,
لم تطلعْ فيها من فكري
شَجرةٌ واحدة . . .
تُغَيّرُ تاريخَ الشجر . .
و لا بنفسجةٌ واحدةٌ تغيّرُ تاريخَ البنفسج ,
و لا قصيدةٌ واحدةُ تغيّرُ تاريخَ الشعر .


4



أعتذِرُ لكَ يا سيّدي . .
أعتذِرُ لكَ . . . و لو بصورةٍ متأخّرة . .
عن المُدنِ التي زرتها وحدي . .
و طائرةِ الكونكورد التي سافرتُ بها  وحدي . .
و الشّوارِعِ التي تسكّعتُ فيها وحدي   . .
و الأمطارِ التي تبلّلتُ بها وحدي  . .
و المكتباتِ التي قرأتُ كتبها وحدي . .
أعتذِرُ . . لك . . . .
عن الفنادق الموحِِشة التي دخلتُ إليها وحدي ,
و بكيْتُ بين جدرانها وَحدِي . .
أعتذِرُ لكَ عَن سنواتِ اليُتّم العاطفيّ التي عشتُها
قبل أن تكونَ سيّدي . . . و مليكي . .




5

أعتذِرُ لكَ يا سيّدي . .
أعتذِرُ لكَ للمرّةِ الخمسين . .
عن كلِّ زاويةٍ من فكري لم تشملْها برضاك
وكلِّ سنتيمتر من شَعرِي
لم يدخلْ في قائمةِ ممتلكاتِكْ
و كلِّ خيطٍ من ثيابي لم يخضرْ لابتسامتِكْ
أعتذِرُ لكَ عَن كلّ الرسائل
التي كتبتُها إليك قبل ولادتي . .
و لم أسلّمها إليْك . .
و عن كلِّ الأحلام التي رسَمتُها بألوانِ الطّيْف
على جُدران رحمِ أمّي . .
و لم تصلْك . .
و كلّ الأسماكِ التّي التقطتُها
لك من بحيرةِ القمر . .
و ماتتْ بين يدي .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق