الأحد، 23 سبتمبر 2012

انتصارات الإنسان


| د. سعاد الصباح |

عندما بدأت الانفجارات تتلاحق في دول المنظومة الشيوعية، هل كانت تعني انتصار النظام الرأسمالي على النظام التوتاليتاري؟
الأمر، ليس بهذه البساطة.
فلا حلف شمال الأطلسي هو الذي ربح الجولة على حلف وارسو... ولا جورج بوش « الرئيس الأميركي الأسبق» هو الذي انتصر بالنقاط على ميخائيل غورباتشوف.
المنتصر الأكبر في تلك المعركة هو الإنسان... بما هو قيمة، وطموح، ونزوع إلى الحرية.
وإذا كان الغرب يبدو سعيداً بتلك التحوّلات المتلاحقة التي تجرى وراء الستار الحديدي، وإذا كان يهيئ نفسه لقطف ثمار (ربيع براغ) أو (ربيع برلين)، فإن تلك التحوّلات التاريخية ليست دليلاً على أن النظام الرأسمالي نظام نموذجي، وصحّي، وأنه معصوم من الهزات والنكسات.
وإذا كانت الحروب الاستعمارية قد أفل نجمها مع القرن التاسع عشر، فإن الحروب الاقتصادية التي يشنها الغرب على الدول الجائعة، والعارية، والعاجزة عن تسديد ديونها، لا تحتاج إلى منجم مغربي، فالضغوط التي يمارسها صندوق النقد الدولي على الدول الإفريقية والآسيوية المدينة، هي أشبه بهراوة رجل البوليس.
إذاً فالنظام الرأسمالي ليس نظاماً سماوياً ولا نصف سماوي، بل هو نظام يحكمه الجشع، والابتزاز، واحتكار ثروات العالم.
لذلك فنحن لا نستبعد أن تكون (الانتفاضة) الثانية... هي انتفاضة الإنسان في أوروبا الغربية على حكم المافيات الاحتكارية، وشبكات المضاربين، وتجار الأسلحة، ومهربي المخدرات.
قد يكون الإنسان في الغرب، يمتلك نوعاً من الحرية النسبية لا يملكها الإنسان في المنظومة الاشتراكية، كحرية التعبير، وحرية التملك، وحرية السفر، وحرية التظاهر، والإضراب، ولكن الإنسان الغربي رغم كل هذه الحريات الصغيرة التي يتمتع بها، يبقى خائفاً كالسمكة الصغيرة في بحر تملأه حيتان الصفقات والعمولات والمخدرات التي لا تشبع.
* من كتاب «كلمات... خارج حدود الزمن» 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق