الاثنين، 14 مايو 2012

ضوء


كتابها رصد الحياة بمفهومها الإنساني

سعاد الصباح... «خارج حدود الزمن»





الكتابة عند الشاعرة الدكتورة سعاد الصباح لم تكن رغبة في الحديث، او البوح، بقدر ما هي سيرة تريد سعاد الصباح من خلالها تأريخ مشاعر انسانية ذات علاقة حقيقية بالحياة، وان علاقتها بالكتابة سواء الشعرية أم النثرية، اصبحت مسألة لا يمكن الاشارة الى توهجها من خلال كلمات قليلة... انها مسألة تندرج في متونها الحياة بكل موجوداتها، ولحظات مرصودة بأحاسيس تتحين الفرصة من أجل ابراز الجمال في كل صورة وتداعياته، وألقه.
واننا حينما نسعى الى التوقف عند كتابات الدكتورة سعاد الصباح سنجد اننا امام رؤى انسانية مزدانة بالحلم، والحب والاقتراب أكثر من أيقونة الجمال، تلك التي تمنح الانسان معناه الحقيقي.
وجاء كتاب الشاعرة الدكتورة سعاد الصباح - الذي صدر أخيرا عن دار سعاد الصباح - تحت عنوان لافت «كلمات... خارج حدود الزمن» ذلك العنوان الذي يحتاج الى قدر كبير من الفهم من أجل الوقوف على محتواه الذي سيكشف لنا رؤى المؤلف خلال نصوص ومقالات كتابها.
ويمنحنا عنوان الكتاب فرصة كي نكون مهيئين للدخول الى عالم الدكتورة سعاد الصباح، ذلك العالم الذي رسمته بكلمات لا تخضع لزمن محدد... فهو عالم بلا زمن، رغم ان كلماته موجودة وفاعلة، ونستطيع ان نتفاعل معها... اذا هو الاحساس الجميل بالكلمات، ذلك الذي تحرص المؤلفة على ان نقترب منه، دون ان يكون للزمن قيمته أو مفعوله الذي ربما يدمر احساسنا المبهج بالكلمات والمعاني.
ويأتي مقال «بناية حب... اسمها الكويت»، كي يكون أول متن الكتاب في تواصل حسي متوهج مع الوطن: «... فالكويت بناية ارتفعت بحجارة الحب... وبسواعد الكويتيين وعرقهم، ودموعهم... وضوء عيونهم».
وتستطرد: «والبنايات التي تبنى بالحب... تزداد طوابقها ارتفاعا مع الزمن... وتزداد اساساتها قوة ومتانة».
«سيطلع الربيع»... عنوان يحمل في معانيه الأمل الذي سرعان ما نجده متوهجاً في مقاله... الذي يتضمن رصد لانتصارات الخير على الشر:
أيها المقاتلون
لا توجد أغنية في العالم
تستطيع ان تغني انتصاراتكم
ولا توجد قصيدة عربية أو غير عربية تستطيع ان تكون بمستوى قاماتكم
ولا توجد لغة في العالم تستطيع ان تقول تقول بطولاتكم.
وتتحدث في مقال «صندوق العجائب» عن غرائب وعجائب العرب ادباء وسياسيين، ثم كتبت مقالا «للنساء فقط» مؤكدة بقولها: «اذا فالثقافة يجب ان توظف بالدرجة الأولى لتصحيح النظرة السلفية والحجرية والبوليسية، التي ينظر بها الى الانثى»... مستطردة: «الثقافة يجب ان تكون في خدمة كل الموؤدات، والمسحوقات، والخائفات، والمحاصرات، والمحترقات بنار الرجل ونار النفط».
ثم جاء مقال بين المرأة - النورة... والمرأة - الديكور، كي تشير فيه سعاد الصباح الى المساعي التي اطلقت من أجل تحرير المرأة العربية، تلك التي تصفها بـ «صرخات في الفراغ» وأشارت سعاد الصباح في مقال «مذبحة المجلات النسائية» الى مسألة اصدار المجلات النسائية التي «صار عددها المخصص للنساء أكثر من النساء».
وطرحت المؤلفة القضية في عنوان «المشكلة في الانوثة!»، كي تشير الى نظرة المجتمعات العربية للانوثة التي تعني الضعف والهشاشة، اما مقال «المرأة والوطن» فقد جاء من خلال ابراز ذكورية المجتمعات العربية مع تأكيدها على العلاقة القدرية بين الرجل والمرأة.
وفي مناسبة الاحتفال بعيد المرأة العالمي... كان مقال «الثورة من خلف الشبابيك» مؤكدة: «هناك كسل تاريخي لدى المرأة جعلها تخسر قضيتها».
وتتواصل الدكتورة سعاد الصباح في رصدها الانساني الجميل للمرأة والوطن من خلال مقال «عندما تصير الام وطنا» وبالتالي يأتي الطفل ليكون له الدور الأكثر أهمية في كتابات سعاد الصباح لترى ان الاطفال هم صناعة المستقبل، بالاضافة الى دفاعها عن الحرية: «لا تذبحوا عصفور الحرية!»، وتفاعلها مع «أحزان الكتاب العربي»، وترى ان «الكتابة في الزمن المريض»، تجعل القامة التي كانت تتوهج عافية وكبرياء... تتقوس.
كما تؤكد سعاد الصباح ان «الثقافة... فعل وتأسيس»، وعبر مقال «سأعود الى بيتي الكويت» لخصت المؤلفة معاناتها بقولها: «انعكست ازمة الغزو على وطن وعليّ وجوديا وانسانيا وثقافيا، وشعوريا».
وتشير المؤلفة الى الديموقراطية في الكويت من خلال مقال «صباح الخير... أيتها الديموقراطية» وبخاصة في الانتخابات البرلمانية الاخيرة، ثم تعود مرة اخرى لتقول: «لا تخافوا على الديموقراطية» كي تتواصل مرة أخرى مع مسألة انسانية أخرى وهي الحرية عبر مقال «صباح الخير... أيتها الحرية» وتفتخر الدكتورة سعاد الصباح بأن «الكويت مدينة البطولة».
وافسحت المؤلفة المجال لقلمها كي يتأمل ويتساءل، ويفكر في كيمياء البشر و«الاصطياف خارج حدود الذاكرة».
وتتواصل الدكتورة سعاد الصباح في كلماتها مع العالم من خلال الحضارات الانسانية القديمة والمعالم الاثرية كما في «تعال الى جزيرتي... تعال الى باربيدوس» و«دمعتان في بيت موزارت» و«كويتية في فينيسيا» و«قفا نبك... على جدار برلين» كما تحدثت عن العقل والقهوة والمقاهي، وانتصارات الانسان، و«عربة الحرية»، كما أشارت الى «مصر... بيتنا الكبير» لتقول عن القاهرة: «... ويمكن ان أقول ان القاهرة... تفتح الآن جامعة ثقافية لحسابها».
واختتمت الشاعرة الدكتورة سعاد الصباح كتابها بمقال «وحش جميل... اسمه الكمبيوتر» وذلك من خلال رصدها لتطورات العصر... مع توضيحها لمحاسن الكمبيوتر ومساوئه أيضا... لتقول مؤكدة: «... واحب ان اطمئنكم انني مع الحداثة، ولكنني ارفض بكل قوة اغتيال عقل الانسان... واغتيال قلبه».
ونتيجة لما يتمتع به كتاب «كلمات خارج حدود الزمن» ستقوم «الراي» بنشر بعض ما جاء في الكتاب من مقالات ونصوص، من أجل ان يكون القارئ الكريم قريبا من وجدان وأفكار صاحبة الكتاب الشاعرة الدكتورة سعاد الصباح.



نشر في جريدة الراي - الكويت 13 اكتوبر 2008

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق