الثلاثاء، 15 مايو 2012

كم غيَّرتني الحربُ..ياصديقي






كم غيَّرتني الحربُ..ياصديقي
كم غيَّرتْ طبيعتي
وغيَّرت أنوثتي
وبعثرت في داخلي الأشياءْ
فلا الحوارُ ممكنٌ
ولاالصراخُ مُمكنٌ
ولا الجنونُ ممكنٌ
فنحن محبوسانِ ِ في قارورةِ البكاءْ...


2
قد كسرتني الحربُ ياصديقي
ولخبطتْ خرائط الوجدان
وحطَّمتْ بوصلة القلب،
فلا زَرْعٌ..
ولا ضَرْعٌ..
ولاعُشبٌ..
ولا ماءٌ..
ولا دفءٌ..
ولاحنانْ..
قد شوَّهتني الحرب ُ ياصديقي
والحربُ كم تُشَوِّهُ الإنسانْ..
فها هناك فرصة ٌ أخرى..لكي تُحِبَّتي؟
وليس في عينيَّ إلا مَطَرُ الأحزان...

3
ياسيَّدي:
ماعدتُ بعد الحربِ..أدري منْ أنا؟..
أقِطَّة ٌجريحة ٌ؟
أم نجمة ٌ ضائعة ٌ؟
أم دمعة ٌ خرساءْ؟
أم مركبٌ مِنْ ورق ٍ
تَمْضُغُهُ الأنواءْ؟
أين تُرَى سنلتقي؟
وبيننا مدائن محروقة ٌ
وأمَّة ٌ مسحوقة ٌ..
وبيننا داحِسُ والغَبْراءْ...
فهل هناك فرصة ٌ أخرى
لكيْ تُحبنَّي..
من بعد ما حوَّلني الحزنُ إلى أجزاءْ..
قد سرقنني الحربُ مِنْ طفولتي
واغتالتْ ابتسامتي..
ومزَّقتْ براءتي
واقتلعتُ أشجاريَ الخضراءْ...
فلا أنا بقيتُ من فصيلةِ النساءْ..
فمن ترى يُقنِعُني؟
أنَّ السماءَ ام تَزََِلْ زرقاءْ؟
وأنّنا..
في زمن ِ التلوُّث الروحيِّ..
والفكريّ..
والقوميِّ..
يمكن أن تظلَّ أصدقاءْ؟؟


4
ياسيِّدي:
لستُ أنا جزبرةً السَّلاَمْ
ولاأنا الأنثى التي كان على أجْفانها
يستوطِنُ الحَمَامْ..
ولا أنا..
نافورةْ الماء..
وسيمفونيَّةُ الرُّخامْ...
ياسيِّدي:
قد يَسَ العُشْبُ على شفاهِنَا
وانكسَرَ الكلامْ..
فكيف نسترجعُ أيامَ الهوى؟
ونحنُ مدفونانِ..
تحت الوحل ِ والرُّكُامْ...


5
ياسيِّدي:
أنا التي غيرُ التي تعرفُها
ذاكرتي مثقوبةٌ
فلا التَّواريخُ على جدارنها باقية ٌ
ولا العناوينُ...
ولا الوجوهُ..
والأسماءْ..
أين ترى نذهبُ ، ياصديقي؟.
وما هناكَ بوصة ٌ واحدة ٌ نملكُها
في عالم ِ الارض ِ ،
ولا في عالم ِ السّماءْ...
وماالذي نفعلُ في بلادِ؟
يَصْطَفُّ فيها الناسُ بالطابور ِ..
كي يَسْتَنشِقُوا الهواءْ !!


6
يا سيِّدي :
لكم ْ أنا أشعُرُ بالإحباطِ،
والدُّوار..
والإعياءْ..
فلا تؤاخذني على كآبتي
إذا قراتَ هذه القصيدةَ السَّوْداءْ ... 

هناك تعليق واحد:

  1. احببت القصيدة السوداء وقضيت اوقات مطولة شتاء 2012 اعيد قراءة كلماتها ، واعيد نشرها عبر حائطى مرات ومرات ، مرفقة ببعض اللوحات العالمية ، او مع مقاطع من الموسيقى الكلاسيكية ...ربما لانها تعكس جزء مما كنت اشعر به او افكر فيه واعيشه من مشاعر واحاسيس ، واخوضه من تأملات حول كل شىء فى عالمى الذى كما قال الشاعر الانجليزى لورنس بينيون بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ..العالم الذي كان عالمنا لم يعد كذلك بعد الآن..

    فمن ترى يُقنِعُني؟
    أنَّ السماءَ ام تَزََِلْ زرقاءْ؟
    وأنّنا..
    في زمن ِ التلوُّث الروحيِّ..
    والفكريّ..
    والقوميِّ..
    يمكن أن تظلَّ أصدقاءْ؟؟

    لم اتصور يما ان تصبح الكلمات او لبعض القصائد القدرة على مساعدتنا على عبور الاوقات الصعبة ، وتقديم العون لنا لفهم مايجرى بأرواحنا ...

    لك دائما تقديرى سيدتى

    ردحذف